استمع إلى الملخص
- **أقسام المعرض**: يتألف من ثلاثة أقسام؛ الأول يعرض نشأة كورتازر، الثاني يقدم جولة أدبية في قصصه القصيرة، والثالث مخصص لرواية "الحجلة".
- **الجزء الثالث**: يعكس الطابع الفسيفسائي لرواية "الحجلة" ويحتوي على نصوص وأشياء سريالية، مما يمنح الزائر تجربة متعددة الاحتمالات.
تُفاجَأ، في منتصف الصالة، بقطّ يحمل سمّاعة الهاتف ويردّ على مكالمة هاتفية. تنظرُ حولك فترى بعض الأرانب والحشرات الطليقة في كلّ مكان. ومع كلّ خطوة تتقدّم فيها، تظهر لك رسوم توضيحية كاملة الألوان: في زاوية عبق "البيت القديم المأخوذ"، إضافة إلى العديد من قصاصات "رسالة إلى سيّدة في باريس" و"استمرارية المتنزهات". الأسهم كلّها ستدلّك على طريق الوصول إلى "الحافلة". هنا يجب أن تنتبه وألّا تترك مجالاً لغرائزك لكي تظهر، كما هو الحال في قصةّ "حيوانات خرافية"، لأنّ "الصيّاد"، لا شكَّ أنه يترصّد بك، ويستعدّ للحظة القنص. ولكن مهما فعلت، وأينما اختبأت، وكيفما نظرت، فسترى ظلّاً واحداً يُخيّم على فضاء الصالة: إنّه ظلّ رواية "لعبة الحَجْلة".
هذا هو عالَم معرض "كورتازر"، الذي يُقام حالياً في "المكتبة الوطنية لمجلس الأمّة" بالعاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، ويستمرّ حتى الثاني من آب/ أغسطس المُقبل، بالتزامن بالذكرى الأربعين لرحيل الكاتب الأرجنتيني خوليو كورتازر (1914 - 1984)؛ أحدِ أبرز كتّاب أميركا اللاتينية، والذي لا تزال أعمالُه تُثير اهتمام النقّاد والكتّاب والشعراء والفنّانين في مختلف أنحاء العالَم.
يتألّف المعرض من رسومات وملصقات وأعمال تركيبية للفنّان الإسباني إستفانشي، والفنّانَين والكاتبَين الأرجنتينيَّين خوان ليما وماريا فيرونيكو راميريز، تستند جميعها، بصورة رئيسية، إلى تفسيرات الفنّانين وقراءاتهم لأعمال كورتازر في الرواية والقصّة القصيرة، وقد وُزّعت في ثلاثة أقسام.
في القسم الأوّل، يعثر الزائر على رسوم توضيحية وملصقات وقصاصات، أغلبها بقلم الرصاص والألوان المائية، إضافة إلى تقنيات رقمية مختلطة، تروي نشأة كورتازر وبداية مشواره الكتابي. في هذا الجزء من المعرض، تكثر الوثائق والأوراق التي كتبها كورتازر بخطّ يده.
يضمّ المعرض ثلاثة أقسام خُصّص آخرها لرواية "الحجلة"
أمّا الجزء الثاني، فهو أشبه بجولة أدبية في قصّصه القصيرة، حيث إنَّ ثمّة رسومات بالأبيض والأسود تشير إلى قصّة "رسالة إلى سيّدة في باريس" التي كتبها عام 1951، وإشارات ورموزاً وملصقات تشير إلى كتابه الشهير "نهاية اللعبة" (1956)، والذي يجمع العديد من نصوصه النثرية، كما يحتوي هذا الجزء من المعرض مقتطفات صغيرة من بعض قصصه، إضافة إلى بعض الأعمال الفنّية؛ مثل حافلة صغيرة فيها ركّاب، يحمل كلُّ واحد منهم باقة ورد، وينظر إلى المرأة التي تصعد الحافلة، في محاكاة لقصّة "الحافلة".
الجزء الثالث والأخير من المعرض خُصّص بأكمله لأحد أبرز الأعمال الروائية التي كُتبت في القرن العشرين، وهي رواية "الحجلة" (1963)، التي عدّها النقاد حجرَ أساس ما عُرف لاحقاً باسم "البوم" أو "الطفرة الأدبية" في أميركا اللاتينية؛ تلك الظاهرة الأدبية التي انتشرت في القارّة، لا سيّما في ستّينيات القرن الماضي وسبعينياته، وتجسّدت في الرواية خاصّة.
وعلى غرار رواية "الحجلة"، يبدو هذا الجزء من المعرض مفتوحاً على جميع الاحتمالات، حيث يستطيع الزائر أن يبدأ جولته من حيث يشاء، في محاكاة لفكرة تعدّد طريقة قراءة الرواية، والتي أشار إليها كورتازر في مقدّمة عمله، حيث شرح للقارئ، تحت عنوان "إرشادات"، طُرقاً لقراءة هذا النصّ.
يقترح فصولاً مختلفة، مُفسِحاً المجال أمام القارئ لتخطّي بعض الفصول، والتناوب عليها. ونتيجةُ ذلك هي أنّ القارئ الذي يتبع هذا الترتيب في القراءة، سينتبه إلى وجود نصوص لمؤلّفين آخرين في مجالات مختلفة، وهذا كلُّه يشكّل جزءاً من الرواية، ويُعطي للقارئ انطباعاً أنّه أمام عملٍ فسيفسائي، تفادياً للكلمة التي كان يكرهها الكاتب الأرجنتيني وهي "الكولاج".
ويقترح النقّاد قراءة الرواية بأكثر من طريقة؛ مثل الطريقة العادية، أي القراءة بالتسلسل من البداية إلى النهاية، أو قراءتها وفقاً للترتيب الذي يريده القارئ، أو وفق الطريقة التي اقترحها كاتب العمل نفسه، والتي تقوم على قراءة الرواية من الفصل الأوّل إلى السادس والخمسين ثم تجاهُل بقية الفصول، أو تخطّي بعضها، أو التناوب عليها.
في هذا الجزء، يرى الزائر المزيد من النصوص والأشياء السريالية "الكورتزارية"، مثل القطّ الذي يُجيب على الهاتف، أو العديد من المسامير التي توضع خارج سياقها، في محاكاة سريالية لفكرة إخراج الأشياء من سياقها وإعطائها معنىً جديداً.