في عام 1994، بدأ "مركز المعمار الشعبي – رواق" في رام الله مسحاً ميدانياً معمارياً امتدّ إلى سنة 2004، ونتج عنه إصدار "سجل رواق للمباني التاريخيّة"، تبيّن أنّ ما يقرب من نصف المباني التاريخيّة في المناطق الريفيّة في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة تقع في 50 قرية، أو ضمنها، أو قربها.
ويهدف مشروع الخمسين قرية إلى إعادة بناء خريطة فلسطينيّة بديلة، في نقلة مفاهيميّة تبتعد عن مقاربة الترميم المألوفة –أيّ مقاربة حماية وتوثيق المباني المنفردة – باتّجاه استكشاف سياق مدنيّ أوسع أثناء حماية موروثه، وما يمكن تحقيقه بالموارد المحدودة المتوفّرة، ولاستنبات إمكانيّات التغيير من داخل النسيج التاريخيّ الفلسطينيّ.
ضمن سلسلة لقاءات شهرية تحت عنوان "ديوان المعمار"، تستضيف "دارة الفنون" في عمّان، عند السادسة من مساء السبت المقبل، المهندسة المعمارية شذى صافي، مديرة "مركز المعمار الشعبي – رواق"، للحديث عن تجربة المركز في الحفاظ على التراث الثقافي والمعماري في فلسطين.
يضيء اللقاء على التوثيق في السجلّ للبيت باعتباره مكوناً أساسياً في حياة الشعب الفلسطيني، يعبّر من خلاله عن حاجاته، وبيئته وذوقه، ويعكس وضعه الطبقي، وطبيعة حياته، ومصدر رزقه، والمواد المتوفرة حوله، وتركيبته الاجتماعية، وطبيعة العائلة، كما يمكن من خلال المساكن المتجمعة على شكل مدينة أو قرية فهم التركيبة الاجتماعية للمستقر البشري، ومخطط القرية أو المدينة، والعلاقة بالمباني العامة، والحارات، والطبوغرافية.
ويقارب "رواق" المباني القديمة أو المركز التاريخي للقرية أو المدينة ليس كمجرد مبنى أو مجموعة من المباني المهترئة المتهالكة التي تعبر عن الماضي، فالقيمة التاريخية للسجل تتجاوز مفهوم الوثيقة، فهو نتاج عمل متواصل تجاوز عقداً من الزمن، اشتمل، بالإضافة إلى المعلومات حول المباني التاريخية، على أرشيف ضخم من الصور والخرائط والمخططات.
ويتناول اللقاء أيضاً مساهمة "رواق" في إنتاج ونشر المعرفة حول التراث من خلال برنامج للبحوث والمنشورات، ومنها سجل للمباني التاريخية في فلسطين، كما يعمل المركز بالتعاون مع الجهات الفاعلة الأخرى على بناء بيئة مؤسسية وقانونية مؤاتية.
يُذكر أن شذى صافي حصلت على درجة الماجستير في الموروث العالمي وإدارة المشاريع الثقافية من "جامعة تورينو" في إيطاليا عام 2016، وعملت في إدارة عدة مشاريع لإعادة التأهيل في بلدات فلسطينية قديمة، مثل بيت إكسا، وحجة، وبيرزيت، وقلنديا.