تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها في محاولة لإضاءة جوانب من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، ذكرى ميلاد الملحن المصري (1931 - 1993).
استهوت سيرة بليع حمدي العديد من الكتاب الذين حاولوا تسجيل رواية متماسكة عن طفل خجول وُلد لأب عالم فيزياء وحاصل على جائزة من الدولة، وكان يعلّم أولاده الموسيقى، جرفته أحلام كبرى بعد أن فشل في أن يصبح مغنياً لخوفه من الصعود على الخشبة، وتملّكته اضطرابات عاطفية جعلته يُخفق في العديد من علاقاته العاطفية، ورغب في أن تحمل الأغنية المصرية إيقاعات شعبية تجعلها أقرب إلى جمهورها.
في كتابها "رسالة على نوتة موسيقية"، تشير الروائية منى البكري إلى الاعتراف السريع بالملحن المصري (1931 - 1993) الذي تحلّ اليوم ذكرى ميلاده، من قبل الأوساط الفنية، وقد ضمن بلحنه الأوّل "حب إيه" (1960) لأم كلثوم مقعداً له في الصف الأول، فانطلق في مشروعه الذي وصفه يوماً بقوله "بسيط في جُملي الموسيقية، أحرص على استغلال الإيقاع المنتظم في ألحاني".
وتذكر أن محمد فوزي فتح له استوديوهات شركته "مصر فون" لتسجيل ألحانه، وعرّفه إلى "كوكب الشرق" لينطلق مشواره نحو النجومية بأسرع مما يمكن تخيّله، حيث تصدّرت أعماله قائمة الأغاني التي تحظي بأعلى مسموعية في الإذاعة المصرية خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، ما دفع العديد من الملحنين إلى محاكاة أسلوبه سعياً لجذب المستمعين.
لحنه الأوّل لأم كلثوم ضمن له مقعداً في الصف الأول
كما يلفت الكتاب، الذي صدر العام الجاري، إلى "رفض الفنانة سامية جمال الزواج منه، كما كانت له علاقة ود مع إحدى بنات الموسيقار محمد عبد الوهاب، ودفعه الصحافي وجدي الحكيم للزواج منها ليحظى بحياة مستقرة، لكن في زيارتهم لعبد الوهاب أخذ بليغ يتحدث عن ألحانه حتى نهاية الجلسة ولم يتحدث عن طلبه للزواج، وهو ما لم يلق استحساناً من صاحب "النهر الخالد" الذي كان يفضّل أن يتلقّى المديح مثلما كان يفعل معظم أبناء جيل بليغ حمدي من الملحنين.
تتحدّث البكري أيضاً عن افتتان صاحب "العيون السود" بوردة منذ عام 1957، والتي ظلّ يبعث إليها الرسائل المباشرة وغير المباشرة في ألحانه وغيرها، حتى تزوّجها عام 1973 بعد عودتها إلى مصر وانفصالها عن زوجها، لتبدأ الغناء بعد انقطاع طويل نسبياً؛ حيث لحّن لها ثلاثين أغنية بعد سنة من ارتباطهما، وهو ما أثار حنق عبد الحليم حافظ وشادية وغيرهما.
بعد ستّ سنوات فقط، انفصل الزوجان، ورغم أن حبّه لها لستمر حتى رحيله، إلا أنه وقع في غرام معظم الفنانات اللواتي لحّن لهن، فخلّط بين الحب والعمل، وأخفق في جميع هذه العلاقات التي كانت تولد جارفة ثم تخفت فجأة.
واحدة من النقاط التي تناولتها البكري هي أن صاحب "حكايتي مع الزمان"سجّل حوالي ثلاثة ألف لحن، وهو رقم مهول، لكن ينبغي التنويه هنا إلى انحدار مستوى العديد من الألحان التي قدّمها في سنواته الأخيرة، لأنه وضعها طلباً للمال، بسبب نفقات حياته المرتفعة في باريس، إلا أنه لا يمكن إنكار عبقريته التي غيّرت الكثير في موازين الأغنية المصرية.