تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها في محاولة لإضاءة جوانب من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم، الحادي والعشرون من تشرين الأول/ أكتوبر، ذكرى ميلاد المؤرخ العراقي حامد البازي (1920 - 1995).
لم يتلق حامد البازي تعليماً أكاديمياً منتظماً في التاريخ، لكن استحوذت عليه رغبة في البحث وتوثيق كل ما يدور حوله من أحداث ومتغيّرات، ليترك عشرات المؤلّفات ظلّ جزء منه مخطوطاً بعد رحيله ولم تطبع حتى اليوم، إلى جانب كتابته القصة القصيرة التي نشرها في بداياته.
اهتمّ المؤرخ العراقي (1920 - 1995) بتاريخ مدينته البصرة التي ولد فيها، حيث درس في مدرسة السيف الابتدائية، ثم التحق بمتوسطة البصرة حيث انخرط حينها في ضمن التيار القومي في أجواء سياسية احتشدت بالأيديولوجيات والأفكار، وساهم في تأسيس "جمعية اتحاد عرب الخليج"، وشارك بعد انتقاله إلى المرحلة الثانوية في العمل السري.
في المرحلة نفسها، شارك البازي منذ نهاية ثلاثينيات القرن الماضي في مجالس الكتّاب والشعراء والصالونات الأدبية التي كانت تعقد حينها في مساجد البصرة ومكتباتها الأهلية، كما عمل محرراً ومدققاً لغوياً في الجرائد البصرية التي كانت تتخذ من المطابع التي تطبعها إدارات لها مثل "البصرة" و"الخبر"، قبل أن يترك الدراسة ويعمل موظفاً في حجز التذاكر بمححطة قطار المدينة.
اهتمّ بتاريخ العراق منذ السيطرة العثمانية وحتى الاحتلال البريطاني
اهتم منذ تلك الفترة بتسجيل الأحداث وتوثيق الأخبار القديمة للبصرة والغرائبية منها، قبل أن يبتدئ بحثه الجاد في التاريخ، ونشر منذ مطلع خمسينيات القرن الماضي نصوصه القصصية الأولى، ليصدر أولى مجموعاته القصصية "الشراب الحلو" ثم كتابه "مهيار الديلمي"، لينعطف بعدها إلى حقل آخر.
بدأ البازي توثيقه لتاريخ البصرة الحديث وخاصة لما يعرف بالعصور المتأخرة، والتي يقصد بها المرحلة الممتدّة من القرن السادس عشر وحتى التاسع عشر، والتي لم تحظ كثيراً بكتابات المؤرخين، وهو يقول في مقابلة أجريت معه عام 1957، إن "تاريخ العراق عامة وتاريخ البصرة خاصة لذيذ وشيق للقارئ والسامع، حيث أن أخبار هذه الحقبة من الزمن (يقصد الفترة المظلمة في تاريخ العراق والممتدة منذ بدء السيطرة العثمانية عام 1538 وحتى احتلال البريطانيين للبصرة عام 1914) كان مطموراً وبعضه لا يزال في طي المخطوطات والسجلات والمذكرات، وكان شوقي للبحث قد دفعني إلى أن أتحمل المشاق وأتجشم المصاعب لأستقصي التاريخ".
وضع حامد البازي العديد من المؤلفات مثل "البصرة في الفترة المظلمة"، و"الأهواز"، و"حياة محمد"، و"الفتى العربي الأول علي بن أبي طالب"، و"ثورة العشرين ومساهمة البصرة فيها". كما وضع مخطوطات منها "تاريخ البصرة الكبير" (في سبعة أجزا)، و"مختصر تأريخ البصرة في العهد العثماني"، و"رقصة الهيوة".