رحَل اليوم، الإثنين، النّحات المصري أحمد عبد الوهاب (1932 – 2021) في القاهرة، والذي يعدّ أحد أبرز فناني جيل الستينيات، حيث شارك في عشرات المعارض الفردية والجماعية داخل مصر وخارجها، إلى جانب تدريسه النحت منذ نهاية السبعينيات.
وُلد الراحل في محافظة الغربية، ونال درجة الدبلوم من كلية الفنون الجميلة بالقاهرة عام 1957، ثم درس في "أكاديمية الفنون الجميلة" في روما، وحصل منها على دبلوم فن الميدالية، قبل أن يعود إلى القاهرة ويعمل في الشركة العامة لمنتجات الخزف والصيني منذ عام 1959.
عُيّن عبد الوهاب أستاذاً في قسم النحت بكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية منذ عام 1979، حيث تدرّج في المناصب الأكاديمية وأصبح رئيساً للقسم ثم وكيلاً للكلية، وبعدها أستاذاً متفرغاً، إلى جانب مشاركته في العديد من لجان التحكيم لجائزة الدولة التشجيعية، والعديد من المعارض الفنية.
أقام معرضه الأول في "إتيليه الإسكندرية" سنة 1964، وتوالت مشاركاته في تظاهرات فنية، ومنها "بينالي الشباب" في العام نفسه، و"بينالي فينسيا" في السبعينيات والثمانينيات، وكذلك "معرض روما" عام 1976، و"معرض الفن المصري المعاصر" في السودان، و"بينالي النحت الصغير" في هنغاريا عام 1986، وغيرها.
سعى في تجربته إلى الربط بين الحركة في الفن المصري القديم وبين مفهومها المعاصر وعلاقتها بالمادة وفق النظرية النسبية، ضمن دراسته لنماذج عديدة، مثل الأهرامات ورفع المسلات الهيروغليفية وقراءاته في قانون الضوء والطاقة الكامنة في المادة، كما نزع نحو التجريب في الخامات والتقنيات.
تنوّعت الموضوعات التي اشتغل عليها، ومنها قرى الصعيد، مستعيراً العديد من المفردات ذات الصلة بالترعة والحقول والحيونات الأليفة وزخارف وعقود البيوت النوبية والوشم والفخار والطقوس المتعدّدة المصادر في الريف، وكذلك الدمى والألعاب، كما لم تغب مفردات النسيج القبطي والتراث المعماري الإسلامي عن أعماله.
وكانت لعبد الوهاب تجربة مميزة في الخزف، حيث نفّذ العديد من المنحوتات المستمّدة من تراكم فهمه وإدراكه للفن الشعبي في التاريخ المصري، ومنها "عروسة حلاوة" و"رأس صبي" و"رأس فتاة" و"الشقيقتان"، و"منزل ومنضدة وكراسي" و"الشمعدان" و"ربة منزل من الصعيد" و"فتاة من الصعيد" و"فارس البلد"، و"خفير البلد".
في حديثه عن تجربته، يرى الفنان مصطفى الرزاز أنه "صاغ في مادة إبداعاته رموزا مقدسة، وكائنات سحرية، شحنها بالعاطفة فنفذت إلى العالم الروحي، وشاركتنا حياتنا. وأن كل عمل فني يمثل نسقًا، قيمته أن يركز الفنان في منحوتاته الفنية على أساس التعبيرية التي تنبع من ذاته، ويراعي في تكوينه التناغم الإيقاعي والطابع التعميمي والمظهر السكوني مع الحركة الباطنية. ومع تأكيده على مبدأ النقاء الشكلي والتبسيط، تبدو تحليلاته الخطوطية وكأنها تشطيرات فعلتها أشعة الشمس، التي انعكست على سطح العمل، إذ رسمت خطوطاً محيطية تتيح عدداً من التخيلات الصورية القابلة للتغير، وهكذا تحفر أشعة الشمس السطح".