عن ثمانين عاماً، رحلت اليوم السبت، في بوخارست، المستعربةُ الرومانية البارزة، نادية أنجليسكو (1941 - 2021)، تاركةً عشرات مِن المؤلّفات التي خصّصتها للعرب وثقافتهم ولغتهم وتاريخهم وإسهاماتهم في الحضارة الإنسانية.
تنتمي أنجليسكو إلى الجيل الأوّل من خرّيجي قسم اللغة العربية في جامعة بوخارست، والذي تأسَّس عام 1957 ضمن سعي السُّلطات الرومانية، حينها، إلى توطيد علاقاتها مع بلدانٍ كانت ترى أنّها قريبةٌ إلى توجُّهاتها السياسية، ومِن بينها تلك المنتميةُ إلى الكتلة الاشتراكية و"حركة عدم الانحياز".
بدأت المستعربة الراحلةُ التدريسَ عام 1962؛ حيثُ ألقت دُرُوساً ومحاضرات في اللسانيات العربية وعلم الدلالة العربي والأنثروبولوجيا الثقافية العربية في "قسم اللغة العربية" الذي ستتولّى رئاسته حتّى أواخر العقد الأول مِن الألفية الثالثة، إضافةً إلى محاضراتٍ في اللسانيات العامة في "دائرة اللغات الشرقية" التي تولّت رئاستها بين 1977 و1994.
حصلت أنجليكو، عام 1971، على دكتوراه في فقه اللغة عن أطروحة في اللغويات العربية من "جامعة بوخارست". وبدايةً مِن منتصف السبعينيات، شاركت في عددٍ كبير من الملتقيات والندوات العلمية؛ حيث ألقت محاضراتٍ حول اللسانيات العربية، والدراسات العربية في بلدان جنوب شرقَي أوروبا، ومواضيع كثيرة أُخرى.
ترأسّت الراحلة "مركز الدراسات العربية" بجامعة بوخارست بين 1994 و2009. وفي فترات مختلفة من السنوات العشرين الأخيرة، عملت أستاذةً زائرة في "المعهد البابوي للدراسات الإسلامية" بروما، و"الكوليج دوف فرانس" و"مدرسة الأساتذة" بباريس، وأستاذة مشاركة في "جامعة ليون" الفرنسية.
إلى جانب مساهماتها البيداغوجية والأكاديمية في تطوير الاستعراب الروماني، كتبت نادية أنجليسكو عشرات مِن المقالات والكتب التي نالت اهتماماً واسعاً من قبل الجمهور والمتخصّصين في رومانيا وخارجها، وتناولت فيها مواضيع كالنحو العربي، والثقافتين العربية والإسلامية، وإشكاليات اللغة في الحضارة العربية، والاستشراق، وتدريس العربية واللسانيات العامة.
من أبرز كتبها: "اللغة والثقافة في الحضارة العربية" (1986)، و"مقدّمة إلى الإسلام" (1993)، و"الاستشراق والحوار الثقافي"(1999)، و"اللغة العربية من منظور تصويري" (2000)، و"الهوية العربية: اللغة والتاريخ والثقافة" (2009).
في حديث إلى "العربي الجديد"، وصف المستعربُ الروماني، جورج غريغوري، أنجليسكو، التي جمعته بها مسيرةٌ علمية طويلة، بأنّها "شخصيةً رمزية عالمية للدراسات العربية"، مُضيفاً أنَّها "ستبقى علامةً فارقةً بأعمالها المنشورة وكلّ حياتها المكرّسة لتوجيه الطلّاب والباحثين في المجال".