روضة غنايم.. تاريخ المكان وناسه في حيفا

07 سبتمبر 2023
محطة قطار حيفا عام 1920 (Getty)
+ الخط -

افتتح حفل إطلاق كتاب "حيفا في الذاكرة الشفوية: أحياء وبيوت وناس" للباحثة الفلسطينية روضة غنايم عند السادسة من مساء أمس الأربعاء في "مركز خليل السكاكيني الثقافي" برام الله، بعرض فيلم "رحيل وبقاء في حيفا"، وهو من فكرة وإنتاج المؤلّفة تُعرض فيه مقابلات مع خمس نساء قدّمت كلّ واحدة منهن روايتها في الكتاب.

وقدّم الكتاب الذي صدر عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، أستاذ الأنثروبولوجيا الثقافية في "جامعة بيرزيت" علاء العزة بمداخلة عن الذاكرة والتاريخ الشفوي، ليحاور بعدها غنايم عبر طرح مجموعة أسئلة عليها حول التوجّه إلى المكان وليس إلى الحدث والقضية، ولماذا تضمّن الكتاب مادة خام من الروايات وتحليلاً أقلّ لها، وسبب اختيار هذه الشخصيات، وإن كان هناك قصص مسكوت عنه في الكتاب، إلى جانب المقابلة بين التاريخ الذاني والتاريخ الموضوعي، ليفتح بعد ذلك باب النقاش للجمهور.

في حديثها إلى "العربي الجديد"، لفتت غنايم إلى أنها واجهت صعوبات عندما بدأت مقابلة الناس في حيفا في سبعة أحياء عربية، بالإضافة إلى الفلسطينيين القاطنين في أحياء مختلطة، لذلك اختارت منها أربعة أحياء عربية ومعها الحيّ الألماني بالنظر إلى العلاقات التي جمعت بين سكّانه وبين أهل حيفا.

تقصّدت المؤلّفة بناء مؤلّفها من شهادات الناس حول تاريخ المدينة والأحداث

وبيّنت أنها تقصّدت بناء مؤلّفها من شهادات الناس حول تاريخ المدينة والأحداث، لإعطائهم مكانتهم وأن لا يكونوا مبحوثين وهامشيين، حيث وّثقّ رواياتهم على طول مساحة سرد الكتاب، ولم تلجأ أيضاً إلى تحليل الروايات وتفكيكها، بل أبقتها كما هي دون التدخل فيها، بعد تفّحصها ضمن المصادر التاريخية بالطبع.

ونبّهت إلى أن مادته تشمّل مفاتيح لدراسات قد يقوم بها باحثون مستقبلاً، وهذا ما يختلف عن الكتب التي تناولت الذاكرة والتاريخ الشفوي، حيث ركّزت على الحدث كمتن للدراسات وأتى الاستشهاد بروايات الناس لتدعيمه.

غلاف الكتاب

وأشارت غنايم إلى أن الكتاب يحتوي تفاصيل مهمة تساعد على فهم الحدث، وكيف تمّ التهجير القسري عام 1948، وحالات العودة من بعض المهجّرين إلى مدينة حيفا، وكذلك تساهم في استيعاب الأمور الحياتية ويوميات الناس، مضيفة "بدأت بالكتابة عن حيّ الرمل بحيفا عام 2011 حيث كان أهله يسكنون في بيوت من الصفيح قبل أن تهدمها بلدية حيفا سنة 1967، وستصدر الدراسة حوله في كتاب ثانٍ قريباً. وبعد ذلك انطلقت في بحثي بعد اختيار الأحياء الخمسة وفهم خصوصية كل حيّ منها، إذ لم يكن الاختيار عفوياً وهامشياً".

وتختم غنايم حديثها إلى "العربي الجديد"، بقولها "اخترت حيّ العتيقة وهو النواة التي تأسست عليها حيفا، في عام  1761 سيطر الظاهر عمر الزيداني على حيفا مرة ثانية بعد أن حكمها المرة الأولى بين عاميْ 1752-1753، وفي المرة الثانية أمر بهدمها ونقلها الى مكان آخر عُرف بـ "حيفا الجديدة،" شرقاً من العتيقة من أجل حماية السكان من لصوص البحر، وكذلك كان الميناء غير صالح لرسوّ السفن لبعده عن الخليج المغلق، وكان موقعها منخفضًا إذ إن سلسلة جبال الكرمل تكشفه، فكان معّرضاً لقنابل العدو ولكي يوفر الحماية لنفسه ولجيوشه. ثم دُمرت بكاملها بعد النكبة، وبقي منها مئذنة جامع الصغير وبعض الأثار، كما اخترت حيّ وادي الصليب لأن أكثر من 80% من بيوته هُدمت ولم ترُمم بعضها ليس بحسب النمط المعماري السابق، وكذلك وادي النسناس الذي لا يزال حيا عربياً في بنائه وديموغرافيته والذي بني في منتصف القرن التاسع عشر، إضافة إلى حيّ عباس الذي تأسس في فترة الانتداب البريطاني".

ويتتبّع الكتاب، الصادر ضمن سلسلة "ذاكرة فلسطين" عن "المركز العربي" تاريخ خمسة أحياء في المدينة الفلسطينية، من خلال روايات ذاتيّة لأفراد سكنوها وربط سِير الناس بسيرة المدينة وفلسطين عامة، إضافةً إلى صُور من ألبوماتهم الشخصية تتعقّب تاريخ المدينة، وتمثّل انعكاساً للتطوّرات التي طرأت عليها، وما شهدته من أحداث منذ نهاية الفترة العثمانية إلى أيامنا الحاضرة.

يُذكر أنّ روضة غنايم باحثة في التاريخ الاجتماعي والتاريخ الشفوي تعيش في مدينة حيفا فلسطين. كاتبة مقالات في منصات فلسطينية وعربية.

المساهمون