الغروب في مدينتي
1
أطلُّ من نافذتي مثلَ قمرٍ بارد
أشاهد المدينةَ تتّسع وتضيق
حزمة من الناس
وبعض السرور يطيرُ من عيني.
2
حصانٌ يجرُّ عربةً بستائرَ قديمة
في مدائن الشُهبِ البعيدة
وامرأة تمشي فوقَ جسرٍ مزركشٍ بالأضواء
لتمدَّ الكون بالطمأنينة
بخطواتها تُذيب أغلال الجليد.
3
نهرٌ يلمع في وجه الغروب
مثلَ طفل يضحك
تلّ من المصابيح
وجنائن ونساء تعتلي النهر.
4
نيزكٌ عابرٌ يخدشُ السَّماء
ترتفع الهواتف لالتقاط صورة
تحجب الغيمةُ الخدش
وتبكي بدلاً عنه
يرفع النّاس المظلّات
ويهربون إلى بيوتهم
انتقام بريء.
■■■
السنونو يلعب وحيداً
أُدير وجهي للعابرين
ثمّة شيءٌ ما يمنحني الخفّة
كأنّي روحٌ تصعد
كأنّ شيئاً يُبعثُ في جسدي
يراهن الرغبةَ
بأني سوف أُولد من جديد
بيد خزّاف.
الغابةُ فارغة
والسنونو يلعبُ وحيداً
أغنّي عن ماضينا البعيد
على شرفِ الشمس أُغنّي
وأقول أنتِ مشكاة عمري
وحُضنكِ سلال
لثمرٍ لن ينضج بعد.
أحاول قَلبَ الماء على ظَهره
لأجدَ نصيبي المفقود
في صفاء النّهر
وأفرطهُ مثلَ كومة خرز
لأشرب نهايتي.
أُراوح في مكاني
مثلَ طائرٍ منكوب
يحاول دفن البحر
ويشمّ جناحيه
عند ضفاف تفوح منها رائحة الجراح.
■■■
خالدٌ بصيغةٍ ما
أيا نافخ الصُّور تأخّر قليلاً
لي أمنياتٌ حان قطافها
أخّر نفخَتك أسبوعاً
لعلَّ المظروف يصل إلى عتبة بابها.
ليس لديَّ أطفال
لكنَّني خالدٌ بصيغةٍ ما
لديَّ ديوان شعر
في يدِ غريبٍ
يُعيد قراءة ما كتبتُ ذات يوم.
سأتركُ خلفي مقاهيَ خاليةً من الأصدقاء
وحيداً أهمسُ إلى الصدى ويهمس الفراغ إليَّ
سأترك فراشي الدافئ مع امرأة محظور اسمُها
امرأة كانت تجمعني
كلَّما بعثرني الهواء القادم من النافذة.
كانت أمّي تقول لي دائماً وفي يدها مسبحتها
أنتَ منحوسٌ يا ولدي
في هذا الزَّمن ليس عليك المبالغة في العيش، بل في النّجاة من الكوابيس اليوميّة
ها أنا أنتظر القيامة مع رفاق المقهى
ينقصنا الطاولة والدومينو والشاي والدخان.
■■■
ما تفعلهُ الريح بالوردة
الغيمةُ تمتطي الرّيح
عاليةً بلا مهبّ
ترتدي زرقة السماء عباءةً
لتعزفَ نغمة الخُلود
مثلَ ملاك نائم
على ذراع مجرّة
ثم تصحو مع الشروق
لترقص مثلَ حمامة
بعد رقصها تتعب
تمشي هوينى، تمشِّطُ الأرض
وتروي الحقول بظلّها
الغيمةُ تهدرُ نفسها
مثلَ وردةٍ بيد عاشقٍ
يقلّمُ أوراقها
ليعرف مدى الحُب
والريحُ بلا ضمير
تنفخ الأوراق إلى الغرق.
* شاعر من العراق