يملأ البلاستيك كلّ زوايا الخشبة.. تظهر امرأة ترتدي كيساً بلاستيكياً، ثمّ أُخرى وهي ملقاة على الأرض تُحاول النهوض لكنّها تسقط في كلّ مرّة. تقترب أجسادٌ تخفي أكياسٌ بلاستيكية وجوهها، تُحاول أن تمدّ لها يد العون، لكنّها، هي الأُخرى، تسقط ثمّ تنهض في كلّ مرّة، بينما صفّارات الإنذار تدوّي في الأجواء.
هكذا يبدأ العرض الكوريغرافي "سلام" لمُخرجه عماد جمعة، والذي قُدّم مساء أمس الثلاثاء ضمن فعاليات الدورة السابعة والخمسين من "مهرجان الحمّامات الدولي" المُقام في المدينة التونسية بين الثامن من تمّوز/ يوليو الماضي والثاني عشر من آب/ أغسطس الجاري.
مكتفياً باللوحات الكوريغرافية، ومن دون حوارات مباشرة أو غير مباشرة، يوجّه العمل، الذي أنتجه "مسرح الأوبرا"، وأدّاه راقصون من "بالي أوبرا تونس" دعوةً لحماية البيئة من التلوّث ومن مخاطر البلاستيك الذي يبدو وكأنّه يفرض حصاراً خانقاً على الناس والأمكنة. إنّها "دعوة لمراجعة السلوكيات المضرّة بالبيئة، قبل أن تغصّ الأرض بالبلاستيك وتلفظ الإنسان خارجها"، مثل يقول القائمون على العرض.
على وقع موسيقى الحرب، يؤدّي الراقصون حركات تنمّ عن القلق والاضطراب، يتحرّكون في اتجاهات مختلفة على نحو يشي بالضياع، لكنّهم يستمرّون في المقاومة التي تظهر في كلّ لوحة من لوحات العرض الذي يمتدّ لقرابة ساعة. ومع التحذيرات ممّا يُحدق بالبيئة من مخاطر، نفهم أنَّ المخاطَب هنا ليسوا أفراداً فحسب، بل أيضاً مؤسّسات ودولاً تُسهم بأشكال ودرجات متفاوتة في تدمير البيئة من أجل مصالح تجارية.
يشارك في العرض كلّ من: أميمة المنّاعي، وزينب بوزقرو، وخلود بن عبد الله، ووائل مرغني، وسيرين كلاعي، وحازم الشابي، وعمر عباس، وعبد القادر دريهلي، وهشام الشبلي، وسهيل عبد الجليل، وعبد المنعم خميس، وإلياس التريكي.