يتكئ سلوان إبراهيم في عوالمه الفنية على مفهوم الحركة والتنقّل بشكل أساسي، حيث تتضمّن المناظر السوريالية شخصيات تتحرّك وتتجول وترتحل في المكان، وكأن توترها واضطرابها يشكّل بؤرة العمل القائم على تخيّلها خارج الواقع أو هاربة منه.
ويقدّم الفنان التشكيلي اللبناني (1964) مشهدية غنائية تعتمد بناء هندسياً مدروساً في توزيع الكتل والظل والنور بينهما، في ضبط دقيق لعلاقاتها في اللوحة، مع ذهاب نحو مساحات لونية تحمل طاقة ضوئية عالية مصل الأحمر والأصفر والبرتقالي وغيرها.
"30 يوماً من سلوان" عنوان معرضه الذي انطلق في الثاني عشر من الشهر الجاري في "غاليري برّاق نعماني للفن"؛ الصالة التي افتتحت منذ أيام في منطقة الحمرا ببيروت، ويضمّ أعمالاً تمثّل امتداداً لأسلوبه الذي يعتمد التعبيرية بعد تجارب سابقة قدّم فيها أعمالاً تجريدية وتكعيبية.
تكتظ لوحة إبراهيم بكائناته التي تظهر كممثلين أو راقصين أو مهرجين على خشبة المسرح أو في السيرك، مع اشتغال على أزيائها التي تبدو عادة منتفخة وتتماوج وتتطاير أطرافها، والكرات التي تحملها كفعل رئيس، والخلفيات من ورائها كالديكور والأرابيسك، وكأنها كائنات معلقة في الفراغ أو طافية خارج المكان والزمان.
في تجربته التي ربما تمثل أعمال الفنان الروسي فاسيلي كاندينسكي أحد مصادرها، يصبح عنصر التوازن ضرورياً من أجل جمع كل هذه المفردات، إذ تتناغم الأشكال والألوان على نحو يخلق أسلوبه وصوته الخاصين واللذان يتسمان بالجرأة في اختيار الموضوع وفي الحيوية والإبهار لونياً وتشكيلياً.
كما يتلاعب إبراهيم بالضوء الذي يتوزّع بين الأشكال المرسومة بحيث يصبح الإعتام والإضاءة وفق طريقة تخدم الحركة في العمل، التي تؤديها شخصيات تتماهى مع دوران الكرات والمربعات والمستطيلات من حولها، فالمشهد كله يستند إلى ذلك الرقص والقفز والطيران بجنون بقدر كبير من الخفة التي تحيل إلى حكايات شعبية قديمة حول كائنات أسطورية خرافية.
وتدور كلّ هذه العوالم في مساحة من اللعب والهزل إذ لا يمكن تصوّرها خارج هذا المسرح حيث المتلقي يتقمصّ دور المتفرّج على تلك الألعاب أو الحركات البهلوانية المنتظمة في عرض متماسك ومضبوط بقواعد صارمة، وفي الوقت نفسه، فإن المشهد يمثل استعادة واسترجاع لطفولة قارّة في ذهن المتلقي أيضاً حيث اللهو يتراجع في الواقع لكنه لا يغادر المخيلة.