منذ تخرّجها من معهد "شتيد شوله" للفنون الجميلة في مدينة فرانكفورت الألمانية، عام 1992، وسوزان حفونه تقدّم تجربةً بصرية تجمع بين العديد من الوسائط، من الرسم والنحت والتركيب إلى الفيديو والتصوير، مُركّزةً بشكل أساسيّ على عناصر من العمران، ولا سيّما الشرفات المزخرفة التي تُعرَف بالمشربية، والتي تعدّ ثيمةً تعود إليها بشكل مستمرّ في تجربتها.
تجمع حفونة في أعمالها بين ثقافتيها: العربية والأوروبية، حيث وُلدت في مصر عام 1962 لأب مصري وأم ألمانية، قبل أن تنتقل للعيش في أوروبا في سنّ الثامنة، لتعود بعد ذلك للتنقّل بين القاهرة وبرلين. وخلال العقود الثلاثة الماضية، أقامت وشاركت في العديد من المعارض الفردية والجماعية، كما أن مؤسّسات فنية ومتاحف عالمية معروفة تقتني عدداً من أعمالها، مثل "المتحف البريطاني" في لندن، و"متحف جورج بومبيدو" في باريس، ومتحف "غوغنهايم" في نيويورك.
"مناظر طبيعية" هو عنوان معرضها الجديد، الذي افتُتح يوم الثلاثاء الماضي في غاليري "باي آرت وركس" بالعاصمة البريطانية لندن، حيث يستمرّ حتى الثالث عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، وتقدّم فيه مجموعة من الأعمال التي أنجزتها هذا العام، والتي تخرج فيها من عوالم العمران العربي إلى تصوير تضاريس أوروبية.
تستخدم الفنانة قصاصات من الورق، ورقائق قماشية، وخيوطاً، إضافة إلى الحبر، لتنسج عالماً من التضاريس يغلب عليه اللونان الأبيض والأسود، المتجاوران حيناً والمتداخلان حيناً آخر، مع طبقاتٍ من الأحمر، في تنويع على تناوب الضوء والظل، الشمس والمغيب، الوضوح والضباب.
استلهمت سوزان حفونه أعمالها المعروضة خلال إقامتها على مقربة من القسم السويسري من جبال الألب، حيث لاحظت استمرارية دورة الطبيعة، وهي استمرارية تُحاول صياغتها عبر التناوُب بين الألوان والطبقات في أعمالها، حيث ينفذ كلّ لون إلى لون آخر بلا نهاية، وحيث تجمع قُطَب الخيوط بين طبقات الورق أو القماش، جاعلةً منها عناصر متكاملة داخل صيرورة واحدة.