تمتدّ تجربة الفنان السوداني صلاح المرّ (1966) على مدار ثلاثة عقود، قدّم خلالها لوحاته التي تصوّر طبيعة بلاده، وتحوّلات مجتمه، كما نشر اثني عشر كتاباً للأطفال، وأخرج ستة أفلام وثائقية قصيرة وأفلام خيال تم عرضها في مهرجانات دولية.
تعود بدايات علافته بالفن إلى طفولته حيث كان والده يمتلك استوديو تصوير، ورغم أنه أُغلق حين كان صغيراً، إلّا أنه يتذكّر تلك الصور التي كان يحتفظ بها والده في البيت. أرشيفٌ كامل كان بين يديه؛ يتصفّح فيه الوجوه ويتخيّل العلاقات بين أصحابها.
يستضيف "غاليري 1957" اللندني معرض المرّ تحت عنوان "ذكرى سنوية" والذي افتتح في الثلاثين من الشهر الماضي في فرغ الغاليري بأكرا؛ العاصمة الغانية، ويتواصل حتى السادس من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
يجمع الفنان لوحاته التي رسمها في مناسبات معيّنة ومنها عيد العمّال في لوحة يظهر فيه عاملان، أحدهما يجلس أمام مصنعه، والآخر محاطٌ بالورود، وكان المرّ قد وثّق في منحوتات قدّمها في معرض سابق واقعة عنبر جودة التي قُتل فيها عمّال أحد المشاريع الزراعية عام 1956 بعد أن حجزتهم رجال الشرطة في مستودع أطلقت فيه مبيدات حشرية بسبب مطالبتهم بدفع مستحقاتهم، قضوا جميعاً باستثناء ثلاثة قدّموا شهادات لاحقاً.
لوحة ثانية تحتفي بيوم الأب الذي يصادف الحادي والعشرين من حزيران/ يونيو من كلّ عام، ويحتصن فيها والد طفله الصغير بين يديه، في توثيق للحظة ثابتة اشتغل عليها المرّ في معظم رسوماته التي تقترب من الفوتوغراف، ويركّز فيها على التفاصيل المكمّلة للشخوص التي يرسمها، مبرزاً العلاقات التي تجمعهم داخل اللوحة، سواء أكانت الأمومة او الأبوّة أو الصداقة أو الحب.
ويهتمّ المرّ أيضاً بخلفية أعماله التي تتّخذ بُعداً تزيينياً يحيط بالعناصر المرسومة، يمتدّ إلى الأرضية على هيئة متواليات هندسية، أو خطوط مستقيمة تحيط بأطراف المساحة المرسومة، وربّما نجد هذا النّسق التزييني قد انتقل إلى قلب اللوحة، مُشكّلاً إيقاعاً قوياً يمنح الشخوص حركيّتها بدلاً من ثباتها كما في ذاكرته.
يحتفي المعرض أيضاً بيوم المسرح الذي يصادف السابع والعشرين من آذار/ مارس من كلّ سنة، ويظهر فيها ممثلّ بأزياء بيضاء اللون وهو يرتدي قناعاً ويحمل قناعين آخرين في يديه، وكذلك اليوم العالمي للبيئة وعيد الحب واليوم العالمي للطفل ويوم الشرطة، إلى جانب لوحة تصوّر يوم الزفاف كذكرى شخصية تخصّ زوجين وأخرى تصوّر امرأة يونانية تعيش في السودان.