حتى بداية القرن السابع عشر، طوّر اليابانيون فنونهم في عدد من المجالات، أولها المطبوعات الخشبية، حيث نقشت الصور ومقاطع من الكتب البوذية على الخشب، إلى جانب العمارة وهندسة الحدائق التي حافظت على تقاليدها القديمة قبل ان تنفتح على مؤثرات أخرى لاحقاً، والرسم والخزف اللذين هيمنت الطبيعة على معظم موضوعاتهما.
"طوكيو: الفن والتصوير الفوتوغرافي" عنوان المعرض الذي افتتح نهاية تموز/ يوليو الماضي في "متحف أشموليان" بمدينة أكسفورد البريطانية، ويتواصل حتى الثالث من كانون الثاني/ يناير المقبل، ويضيء تاريخ العاصمة اليابانية التي تحوّلت من قرية صغيرة تعيش على الصيد تدعى إيدو إلى مدينة ضخمة ومركز أساسي للفنون.
بدأ النهوض بالمدينة منذ ضمّت حامية عسكرية لحماية كيوتو، التي ظلّت عاصمة البلاد السياسية حتى عام 1868، لكن طوكيو استفادت من وجود المقاتلين العسكريين (الساموراي) الذين تصاعد نفوذهم على مدار قرون، وترافق ذلك مع ازدهار تجاري حيث تضاعف عدد سكانها من بضعة آلاف إلى أكثر من سبعة وثلاثين عاماً في أربعمائة عام.
يعود المعرض إلى نظام توكوغاوا إياسو الذي يمتدّ بين عامَيْ 1603 و1868 حيث كانت اليابان مغلقة رسمياً أمام العالم الخارجي، مروراً بالرسوم الأيقونية التي قدّمها فنانون كبار في القرن التاسع عشر، مثل كاتسوشيكا هوكوساي وأندو هيروشيغه، ووصولاً إلى أعمال المصورين الفوتوغرافيين مورياما دايدو ونيناغاوا ميكا منذ الستينيات وحتى اليوم.
يشير بيان المنظّمين إلى أن طوكيو تعرّضت للدمار والتجديد بشكل مستمر، وكيف كان لهذا التجديد والابتكار على يد شخصيات عديدة أثره الكبير في انفتاح المدينة وتطوّر الفنون فيها. وينقسم المعرض بحسب الموضوعات في ثلاث قاعات تتناول الأعمال فيها الأماكن والناس والطبيعة.
يقف الزائر عند مئة مشهد رسمها هيروشيغه لطوكيو، وهي تعدّ اليوم من أشهر الرسومات القديمة للمدينة قبل أكثر من مئة وسبعين عاماً، مع التنبيه إلى أن هذه الرسومات تركت تأثيرها الواضح في الانطباعيين في أوروبا، كما فعلت التأثير ذاته رسومات هوكوساي.
وتُعرض أيضاً المطبوعات الخشبية المعروفة بـ"نمازو-إي"، التي تظهر عليها صور سمك السلور العملاق الذي يعتقد أنه يعيش تحت جزر اليابان، كما تقول الأساطير القديمة، والتي نُفِّذَت بعد أيام من وقوع زلزال أنسي العظيم عام 1855.
أولى الصور الفوتوغرافية المعروفة لطوكيو تعود إلى عشرينيات القرن الماضي، بعد تعافي المدنية من الحرب العالمية الأولى، وشهدت تلك الفترة ازدهاراً ثقافياً كبيراً كان لا يزال عماده التراث الياباني قبل أن تعكس الثقافة الغربية تأثيراتها في مرحلة لاحقة.