استطاع الفنان التشكيلي القطري علي حسن (1956) تطوير أسلوب خاص في تعامله مع الخط العربي خلال العقود الثلاثة الأخيرة، خاصّة في تجربته التي اعتمد فيها تنوّع التقنيات والخامات ودرجات الألوان في تكوينات مختلفة لحرف "النون"، الذي يمنح دلالات وتعبيرات متعدّدة تُحاكي مشاهد من البحر والسماء والصحراء.
يتشكّل "النون" ليكشف عن طبقات من اللون تحمل في طياتها حروفاً و"نونات" أخرى، كما يستعير في بعضها الورقة اليانعة الخضراء ليحوّل مساحة اللوحة كلها إلى غابة كثيفة مشرقة بالخصوبة، أو لحظة تفتُّح البراعم والزهور، سواء في لوحاته الزيتية أو التي يرسمها على القماش والكرتون.
في تجربة جديدة، يقدّم حسن حروفياته على الملابس في مجموعة "ظلال حلم" التي تُعرض في "غاليري مشيرب" بالدوحة منذ الرابع من الشهر الجاري وتتواصل عرضها حتى الثلاثين منه، بالاشتراك مع الفنانة ومصمّمة الأزياء منى الكعبي.
في واحدة من التصاميم، تظهر حروفيات باللون الاسود في زخرفات على نهاية أكمام ثوب نسائي أبيض (عباية) وعلى الجزء الأيمن من ياقته، كما تظهر ألوان أخرى مثل الأخضر والأحمر والأزرق سواء في الزخرفة أو في ألوان الثياب.
ويلفت حسن في تقديمه المعرض إلى أن عملية التصميم تمرّ بمراحل متعدّدة تشمل الرسم التي ينفّذها حرفيون متخصّصون في الحياكة التي تتجاوز فكرة الطباعة على القماش، حيث تنقل الرسومات بدقّة وعناية تحافظ على تكوينه الذي يأخذ في حالات متعدّدة حرفاً واحداً بتكراراته.
أما الكعبي، فبيّنت أن تساؤلاً ظلّ يلاحقها حول كيفية تسليط الضوء على لغتها العربية من خلال عملها في تصميم الأزياء، لتولد فكرة المشروع الذي استمر العمل عليه نحو سنة كاملة، والذي اعتمد على الألوان الترابية بشكل أساسي والتطريزات اليدوية التي جرت من خلالها ترجمة العمل الفني إلى زيّ، وتم استخدام قماش الحرير الهندي وقماش الكِتّانِ الفاخر مع إضافات فنية من الحرير الطبيعي، وتزيين التصاميم بتطريز يدوي بالخرز وتطريز متعدّد الألوان وتطريز زُرْدوزي.
إلى جانب ذلك، تُعرض أعمال أخرى لعلي حسن منها قطعة منحوتة من الستانلس ستيل تحمل عنوان المعرض نفسه، وأخرى بعنوان "حصان الصحراء" تنزع إلى تكوين رمزي لأربعة قوائم يربطها حرف النون ورأس حصان دون ملامح، ولوحة "أمّي العودة" التي رسمت فيها الأم بتكوين إنساني في أعلى جسدها يتشابك مع كتلة حروفيات تمثّل النصف الأسفل.