اعتبرت لوحة "إفريز بتهوفن" التي رسمها غوستاف كليمت عام 1902 بداية مرحلة جديدة في حياته سميّت بـ"الذهبية" استخدم فيها أوراق الذهب والفضة وشظايا من المرايا والأظافر والأزرار في اللوحة التي بدت غير ذات صلة بالمؤلّف الموسيقي الألماني، لكنها تبحث في تلك السعادة الخالصة التي يقدّمها الفن.
قبل تلك المرحلة، هيمنت على أعماله عناصر تنتمي إلى الفن الكلاسيكي حيث الأجساد العارية والأزياء المزخرفة والعناصر المعمارية التي تتّسم بالأبهة والفخامة والأحداث التاريخية، ولكن فقده لشقيقه ووالده في العقد الأخير من القرن التاسع عشر، سيجعله ينأى بنفسه عن قواعد الرسم الأكاديمي ويمنح نفسه حرية أكبر في التكنيك والأساليب.
"الفتى الذهبي.. غوستاف كليمت" عنوان معرض افتتح في "متحف فان غوخ" بأمستردام مساء الجمعة الماضي ويتواصل حتى الثامن من كانون الثاني/ يناير المقبل، وهو يضيء تطوّر تجربة الفنان النمساوي (1862 - 1918) خلال العقدين الأخيرين من حياته.
يعود المعرض إلى عام 1897، حين أسّس كليمت مع عدد من الرسامين والمعماريين والمصممّين "حركة الانفصال الفيينية" التي سعت إلى تبادل الأفكار مع الفنانين خارج النمسا، بهدف تجديد المشهد التشكيلي في البلاد، والذي اتسم بالتقليدية إلى حد ما، والانفتاح على فنون العمارة والتصوير والغرافيك وغيرها.
يشير بيان المنظّمين إلى أن كليمت، الذي لم يسافر إلا قليلاً خارج فيينا قبل ذلك التاريخ، بدأ تأثّره بمجموعة من التجارب البارزة في الفن الأوروبي، وفي مقدّمتها فان غوخ وأوغست رودان وهنري ماتيس وتولوز لوتريك، كما اهتمّ بأسلوب كلود مونيه وغيره من رموز الانطباعية التي لم يهتمّ بها الفنانون النمساويون حتى نهاية القرن التاسع عشر.
يُبرز المعرض التسلسل الزمني بدءاً من "المرحلة الذهبية" وصولاً إلى السنوات الأخيرة في حياة الفنان، في محاولة لرصد التطوّر التدريجي من أسلوبه الزخرفي البحت إلى التجريب خاصة على مستوى التلوين، كما سيجري الربط بين بعض اللوحات والأحداث المرتبطة بها.
خلال هذه الفترة، اهتمّ كليمت برسم البورتريه الذي ستعرض نماذج عديدة منه نفّذها أيضاً باستخدام أوراق ذهبية ومزج الأصباخ بالطباشير أو الجبس مع إضافة عناصر زخرفية إلى اللوحة، ومنها العمل الذي يحمل عنوان "بورتريه أديل بلوخ باور" ويُعرض إلى جوار أعمال فُقد بعضها أثناء الحرب العالمية الثانية واختفت قبل أن تظهر في الثمانينيات، إلى جانب أعمال لكليمت لا تنتمي إلى الرسم بل ضمن تجريبه في تصميم أغطية الوسائد وورق الحائط والملصقات الزخرفية.