الواحد، سبحان ربك، يحاول في أوقات الحياة، ألا يموت، فيأتي بفعل محبة ومقاومة في كل دقيقة، كأن يذهب، في مشوار، مثلاً، كي يوفق بين رأسين في الأدب، أو يجاهر بعدم محبته لأنظمة ما بعد الثورات، أو يسخر من مشيخات خليجية، وهي تتنطع لتقود المنطقة، بالتحالف مع عدو تاريخي.
من الناحية الأخرى، يحاول الواحد أيضاً، في أوقات الموت، ألا يموت، فيأتي بفعل محبة ومقاومة في كل دقيقة، حتى إنه مثلاً يُريق الثناء على الرياضيات، وطائر الوروار الذي لا يعرفه [لأنه لم يخالطه من قبل]، ويوغل كذلك في امتداح الخبز والكعك والروايات غير الفائزة بجوائز، وأمور من هذا القبيل.
ومع هذا وذاك، ومع غير ذلك، يأتي حينٌ من الدهر ويكون على الواحد أن يقول: باي باي للعالم، أو تشاو، أو وداعاً، أو أستا لويغو في الفويغو، إلخ. ويكون عليه أن يواجه حقيقته المحجوبة عن قصد وإصرار: لقد أخذت أكثر من حصتك ونصيبك من خيرات العالم، وآن أن تتركه لغيرك دون حزازات.
فلكم استهلكت أكسجينه القليل، ولطالما أكلت من أشجاره، وكم من ماء وكساء ورفاهيات، إلخ. لكنّ ضيق أفقك الغريزي يمنعك من امتداح الموت الشخصي، وفي المقابل، يدفعك لامتداح موت الآخرين، وبخاصة الشهداء منهم، الذين هم تاج رأسنا كشعب مقاوم، ويخبُّ في جلباب المظالم. إلخ.
(شاعر فلسطيني مقيم في بلجيكا)