أنا مثلكم، أتجمّد خلف شاشة التلفاز منذ السابع من تشرين الأوّل/ أكتوبر الماضي. يُمكننا أن نتشارك مشاعر العار والخذلان التي تتملّكنا، ونحن نقف مكتوفي الأيدي في بيوتنا البعيدة، ويمكننا أن نتشارك، أيضاً، اعترافات حول ساعات النوم القليلة التي نحظى بها، وما ينتابُنا من توتّر وكرب دائم نحمله معنا أينما ذهبنا، ولنقُل إنّنا نتشارك في شعورنا بالضآلة أمام بسالة شباب وأطفال ونساء غزّة.
لكن أمامنا فرصة وحيدة للوقوف مع أهلنا هناك، أن نشرع في دعم السردية الفلسطينية ضدّ السردية الصهيونية، فهذا الكيان الساقط، المؤسَّس على الجريمة والكذب المُمنهجَين، يستخدم سرديته ليكسب صوت الرأي العام العالمي إلى جانبه، ويُنادي بـ"شرعية الدفاع عن نفسه"، ويملك بين يديه كلَّ أدوات الفوز بهذه السردية من منصّات وقنوات عالمية تدعم المشروع الصهيوني أو تتواطأ معه، مثل ما تملك سلاحاً متطوّراً وفتّاكاً على الأرض. لكنّنا نعلم أنّهم على أرض غزّة منذ شهر كامل، ولم يُحقّقوا هدفاً واحداً من أهدافهم العسكرية. سواعد الغزّاويين قاومت سلاح الصهاينة رغم فرق العتاد والعدد.
ضرورة الجهود البحثية والإنتاج المعرفي لمواجهة السرديات الاستعمارية
هذا ما يترك في نفوسنا الأمل في محاربة الصهاينة إعلامياً، وقَلْب الطاولة على رؤوسهم، والدفاع عن السردية الفلسطينية والدفع بها إلى الواجهة.
وهذا ما يشترك فيه الآن كلّ إنسان يناصر الحقّ في العالم، نرى شوارع مدن العالم تمتلئ بالمدافعين عن حقّ فلسطين في الأرض، أُناس من كلّ الأعراق والمعتقدات، يقفون مع فلسطين، لكونها أوضح قضية عادلة على وجه الأرض.
دورُنا يتحدّد في الاستمرار بالتحدّث عن الحكاية الفلسطينية، منذ عام 1948 وحتى اليوم، لنكتب عن تلك الحكاية في كلّ مكان، لنعمل على إنشاء محتويات مرئية أو صوتية، لنكتب عمّا حدث، لنحكِ الحكاية الفلسطينية كلّها منذ اليوم الأوّل، وحتى اليوم، للذين يتكاسلون في البحث عن الحقيقة.
فلنُدافع عن السردية الفلسطينية ونحمِها في كلّ مكان من العالم، هذا واجبنا حقّاً، ولا يُمكننا التنصُّل منه، وهو أضعف الإيمان في هذه المرحلة، ولا يُعفي بالطبع من أي تحرّك على الأرض، ولا يُعفي، أيضاً، من الجهود البحثية الدؤوبة والإنتاج المعرفي العربي لمواجهة السرديات الاستعمارية، والسرديةُ الصهيونية أقبحها وأكثرها شرّاً على الإطلاق.
ويبدو أن منصّة مثل "إكس" (تويتر سابقاً) من بين أفضل المنصّات التي يمكننا استخدامها، اليوم، لتحقيق هذا الهدف، فلو استثمرنا كلّ الوقت الذي نملكه في الحديث هناك وفي كلّ المنصات المُمكنة، وباللغة الإنكليزية ولغات العالم الأُخرى التي نتقنها، مخاطبين المجتمعات العالمية للوقوف معنا؛ لتغيّر الأمر برمته.
لا تبخلوا بأي دقيقة يُمكننكم فيها مناصرة فلسطين، فهذه أكثر المعارك وضوحاً خاضتها البشرية، لا تقفوا متفرّجين، شارِكوا في استعادة كرامتكم التي يدافع عنها أهلنا، هناك في غزّة فلسطين.
* كاتب من العراق