أسفتْ جامعة "لايدن" الهولندية، ذات يوم، أنّ مئات المخطوطات العربية النادرة التي بحوزتها معرّضةٌ للضياع، والحفاظ عليها يحتاج إلى إمكانات وأموالٍ تفتقر إليها. من بعض ما ذَكرت من مخطوطات عربية مهدّدة، كتاب "طوق الحمامة" لابن حزم، وكتب في الرياضيات والفلك والطب والفلسفة... أي كلّ ما يُعَدّ تراثاً على جانب كبير من الأهمية التاريخية والعلمية.
وأظهرت الصور التي أرفقتها الجامعة بإعلان أسفها، مخطوطات تآكلت أوراقها وأبلاها التداول، وطلبت تعاونَ مؤسّسات عربية للحفاظ على المخطوطات النادرة. ومرّت الأيام من دون أن يتقدّم أحد لإنقاذ هذه الذخائر الثمينة.
أتذكّر أنني نشرت آنذاك رسالة مفتوحة إلى الجامعة، أجد من المفيد التذكير بها الآن. قلتُ فيها: "أيّها السادة، إذا كنتم تعتقدون أنّ أصحاب هذه المخطوطات ما زالوا يعيشون في أرجاء هذا الوطن الممتدّ بين الماء والماء، أو أنّهم أحياء على الأقلّ في ذاكرة أحفادهم المعاصرين، فأنتم واهمون. والأفضل أن تبحثوا عن طرق للاتصال بالمعنيين حقّاً بأمر مخطوطاتهم المتآكلة، أعني ابن حزم والخوارزمي وأبا بكر الرازي مثلاً، وإيقاظهم طلباً لمعونتهم. وإلّا سيظلّ طلبكم معونة الأحفاد أشبه بالطلب من كنغر أسترالي أن يهرع ليساعد في ترميم لوحات ميكل أنجلو في الفاتيكان، أو مناشدة قيوط أميركي مدّ يد العون للحفاظ على آثار القدس المعرّضة للهدم والتدمير".
وأسأل الآن: هل ثمّة ما يصوّب خطأً ارتكبتُه في لحظة من لحظات مخيّلتي الضالّة؟
* شاعر وروائي وناقد من فلسطين