تعدّ ماجدالينا أباكانوفيتش من أكثر الفنانين البولنديين شُهرةً خارج بلادها، بالنظر إلى خصوصية أعمالها الفنية التي اعتمدت الألياف والمنسوجات لتقديم منحوتاتها وتركيباتها، بالإضافة إلى موقفها السياسي المتأثّر بعائلتها والرافض للأفكار الشيوعية التي فُرضت على بولندا آنذاك.
لم ترُق للفنانة البولندية (1930 - 2017) الواقعية الاشتراكية التي مثّلت الشكل الوحيد المقبول رسمياً، حيث كان على الفنان أن يقدّم عملاً "وطنياً في الشكل" و"اشتراكياً في المضمون"، بحسب مصطلحات تلك الحقبة، لذلك لجأت إلى وسائط مثل طباعة الشاشة الحريرية والنسيج، هرباً من التصوّرات التي أُخضع لها الرسم والنحت بشكلٍ أساسي.
"كلُّ شوكة في الخيط والحَبْل" عنوان المعرض الاستعادي لماجدالينا أباكانوفيتش الذي افتُتح في متحف "تيت مودرن" بلندن في السابع عشر من الشهر الماضي، ويتواصل حتى الحادي والعشرين من أيار/ مايو المقبل.
يضيء المعرض واحدة من أبرز التجارب التي قدّمتها الفنانة بعنوان "الأباكان" منذ نهاية الستينيات، وهي تعتمد الألياف ثلاثية الأبعاد ضمن رؤية تسعى إلى توظيف الحِرَف التقليدية في أعمالٍ فنّية حداثوية حيث استخدمت الكتان والصوف وشعر الخيل في نسج تلك الأعمال.
الموضوعات الأساسية التي شغلت أباكانوفيتش كانت المناظر الطبيعية في أرياف بولندا، ثم توجّهت لمحاكاة الأساطير والميثولوجيا السلافية القديمة التي تؤمن بالأرواح التي تعيش في الغابات وداخل الشجر، وبدأت بتقديم عوالم جديدة استطاعت أن تنتقل بها خارج الحدود حيث أقامت معارض في مدن أوروبية غربية خلال السبعينيات.
منحوتاتُها طرية وليست صلبة، وغامضة في تكويناتها وتقوم على استخدام المواد العضوية لصُنع أعمال شاهقة تتدلّى من السقف، يبلغ طول بعضها أكثر من ستين متراً، كما تعرض مجموعة مختارة من قطع النسيج ورسوماتها غير المعروفة، التي تعود إلى فترة مبكّرة من حياة الفنّانة.
في مرحلة لاحقة، بدأت الفنانة باستخدام الخَيش الخشِن في تنفيذ أعمالٍ أكثر تجريداً وغموضاً، واخترقت مساحاتٍ غير مطروقة في النحت والأعمال التركيبية، ومنها سلاسل مستمَدّة من التطورات في علم البيولوجيا، والأجِنّة خلال الثمانينيات مُستخدمةً كتلاً ليفية تُشبه البيض، كما لجأت بعد ذلك إلى المعادن والخشب والحجر والطين لتُقدّم أعمالاً تدور كلّها حول جدل العلاقة بين الثقافة البشرية والطبيعية.