هل يمكن للشعر أن يقول شيئاً، أو أن يساعد في قول شيء، عن تجربة المرء وأسئلته في مغتربه؟ لا يشكّ في ذلك منظّمو ورش الكتابة الشعرية "ما بين جزيرتين". جاءت فكرة هذه الورش، المخصّصة للبحرينيين المقيمين في بريطانيا، للإجابة على أسئلة من قبيل: ماذا يعني أن نكون بحرينيين في المملكة المتّحدة؟ كيف يؤثر ذلك على علاقتنا بوطننا؟ وما هي الأشياء التي نتوق إليها، والحقائق التي اكتشفناها، والمسافة التي كان علينا أن نصنعها لأنفسنا؟
يختار المشروع، الذي بادر إليه ويشرف على ورشه الشاعر البحريني البريطاني الشاب علي الجمري، بالتعاون مع الشاعرة والمؤدية اليمنية الشابة المقيمة في المملكة المتّحدة أمينة عتيق؛ يختار الشعرَ كوسيلة لـ"نطلق العنان لأصواتنا الإبداعية". كما أنه يأتي في هذه الفترة العصيبة التي يعيشها العالم بسبب جائحة كورونا، لخلق روابط بين الناس، وللتقليل من تلك العزلة التي تفرضها عواقب الجائحة، بحسب تعبير الجمري.
ويعلن المنظمون رغبتهم في تحويل الورش إلى "مساحة" يمكن للبحرينيين المقيمين في المملكة المتّحدة، التعبير عن أنفسهم من خلالها. ولم يشترط المنظّمون أيّ "خبرة مسبقة في الكتابة" للانضمام إلى الورش. كل ما يحتاجه الراغب في المشاركة هو أن يكون بحرينياً مقيماً في المملكة المتّحدة ومهتماً بالكتابة، وأن يكون عمره بين الـ18 والـ81. كما لا بدّ له، بالتأكيد، من الإلمام بالعربية والإنكليزية للاستفادة من الجلسات التي انطلقت في العاشر من يناير/كانون الثاني الجاري، عبر تطبيق "زووم"، في انتظار ما سيؤول إليه الوضع الصحي في المملكة المتّحدة.
محاولة للإجابة عن سؤال: ماذا يعني أن نكون عرباً في بريطانيا؟
تستمر ورش المشروع، الذي يتلقّى منحة ماليّة من "مجلس الفنون في إنكلترا"، ويدعمه "مهرجان ليفربول للفنون والثقافة العربية"، ستةَ أسابيع، بمعدّل ساعتين في نهاية كل أسبوع، وذلك حتى يوم 21 فبراير/شباط المقبل. وتحمل كلّ واحدة من الجلسات الأسبوعية عنواناً وثيمةً مختلفة؛ حيث جاءت الجلسة الأولى تحت عنوان "التراث والميراث"، في حين ستأخذ الورشة الختامية عنوان "المستقبل"، الذي سيكون موضوعاً لها.
درسَ الجمري الصحافة في "جامعة وينشستر" وحصل على شهادة في دراسات الشرق الأدنى والأوسط من "مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية" بجامعة لندن. نُشرت نصوصه في عدد من المجلّات والأنطولوجيات الشعرية، وقامت مجلة "الشعر الحديث مترجماً" (Modern Poetry in Translation) بنشر ترجمته لقصيدة "إرادة الحياة" لأبي القاسم الشابّي، في عددها الفصلي الثالث للعام المنصرم.
أمّا أمينة عتيق، الحاصلة على إقامة فنية في مؤسسة "ميتال كلتشر" في موسم 2020-2021، فقد قدّمت نصوصها الشعرية وعروضها الأدائية في العديد من المهرجانات والمنصّات الإعلامية في المملكة المتّحدة، مثل مهرجان "أوان" و"مهرجان ليفربول للفنون والثقافة العربية" وإذاعة "بي بي سي" وصحيفة "ذا إندبندت". وهي ناشطة في الدفاع عن حقوق اليمنيين وفي مجال دعم الأطفال.
وقد شارك كل من الجمري والعتيق في برنامج المواهب "الكلمات أولاً" (ووردز فيرست) الذي تنتجه "بي بي سي". ووصلت العتيق إلى المرحلة النهائية من نسخة البرنامج لعام 2019، في حين وصل الجمري إلى المرحلة نصف النهائية من نسخته للعام الماضي. ويهدف برنامج "الكلمات أولاً" إلى "تطوير المواهب" لدى مشاركيه من كتّاب الشعر والراب وممارسي الأداء المحكيّ، متيحاً لهم فرصة العمل "مع فنانين معروفين" ومقدّماً لهم مساحة لتقديم أعمالهم في عروض رقمية.