أصبحت المنسوجات الإيرانية خلال فترة الحكم الصفوي (1501 - 1722)، السلعة الأولى التي تمّ تصديرها إلى أوروبا وكذلك إلى الشرق، وشكّلت عاملاً أساسياً في ازدهار الدولة، كما لعبت دوراً بازراً في الحياة الاجتماعية والثقافية والدينية والاقتصادية، واستخدمت في صناعة الملابس والأثاث والديكورات الداخلية.
واستمّد الحرفيون والنسّاج رسوماتهم على النسيج من ملحمة الشاهنامة وقصة خسرو وشيرين ومجنون ليلى، أو قصائد الشعراء الإيرانيين، أو مناظر تمثّل الأمراء والنبلاء في الصيد، وكذلك مناظر الحفلات في الحدائق والهواء الطلق، أو رسوم ملائكة تعزف على آلات موسيقية أو تحمل التحف والهدايا، أو حيوانات حقيقية وخرافية، وغيرها.
أعلنت "هيئة متاحف قطر" افتتاح معرض "أناقة إمبراطورية: منسوجات من إيران الصفوية" في الثالث والعشرين من تشرين الثاني/ أكتوبر المقبل في "متحف الفن الإسلامي" بالدوحة، والذي يتواصل حتى العشرين من نيسان/ إبريل 2023، ويتضمن مختارات متنوعة من المنسوجات الحريرية خلال تلك الحقبة.
تحوّلت مدينة أصفهان آنذاك إلى مركز رئيس لصناعة السجّاد والنسيج، بعد أن نقل الشاه عباس الأول المجتمع التجاري الأرمني من مناطق في أذربيجان حالياً إلى إحدى ضواحي أصفهان، حيث مكّنت تجارة الحرير بأرباحها الطائلة من تطوير الدولة الصفوية وتوسّعها.
وأشارت المياسة بنت حمد آل ثاني، رئيس مجلس أمناء "متاحف قطر"، إلى أن المعرض يمثّل نسخة محدّثة من المعرض الذي افتتحته "المتاحف" ضمن فعاليات "العام الثقافي قطر- أميركا 2021" في "المتحف الوطني للفنون الآسيوية" التابع لـ"مؤسسة سميثسونيان" بواشنطن
ويشتمل المعرض على مجموعة من المنسوجات الحريرية المطرزة بالفضة المذهبة أو المكسوة بالفضة، بعضها مستوحى من المناظر الطبيعية بما تحتويه الزهور والفروع النباتية والمراوح النخيلية ومناظر الحدائق والطيور والغزلان، والتي مثّلت ذروة النضج في الفن الصفوي.
ويضيء القسم الأول السياق الجغرافي والتاريخي لصناعة الحرير والمنسوجات في تلك الحقبة، بينما يستعرض الجزء الثاني أصفهان التي كانت عاصمة الإمبراطورية وقلبها التجاري في ذلك الوقت، ويستكشف الجزء الثالث فنون وممارسات التمثيل الذاتي في المجتمع الصفوي من خلال الأزياء، وربط المنسوجات التاريخية مع الرسوم التوضيحية واللوحات المعاصرة لها، ويتناول القسم الرابع شغف الأزياء وهي نقطة وصل بين الماضي والحاضر من خلال تقديم مجموعة مختارة من القطع والملابس وحقائب اليد، كُلّف بها مصمّمون مُقيمون في قطر واستوحوا تصميماتها من المنسوجات الصفوية في مجموعة "متحف الفنّ الإسلامي".
كما يضمّ المعرض مجموعة واسعة من التحف بلغت أكثر من 100 قطعة اُختيرت من مجموعة "متحف الفنّ الإسلامي" ومتاحف قطر الدائمة، وقطع فنية مُعارة من "مكتبة قطر الوطنية"، بالإضافة إلى 20 قطعة من منسوجات البروكار الحريري النفيس، و12 سجّادة تعود إلى الحقبة الصفوية، ونظراً للدور القوي الذي لعبته هذه المنسوجات كوسائط تجسّد الأفكار الفنّية الحديثة وقتذاك، والتي حفزت مبدعيها على تبنّي لغة بصرية جديدة، فقد كانت من بين أكثر السلع الفاخرة تداولاً في جميع أنحاء العالم في ذلك الوقت، كما يزدان المعرض بمجموعة من أربع صور زيتية بالطول الكامل تقدّم لمحة عن التنوع السكاني الذي تميّزت به عاصمة الإمبراطورية الصفوية آنذاك.
وقد أُضيف قسم إلى سردية المعرض يُركّز على تصاميم الأزياء المعاصرة، كما قام "مركز قطر الإبداعي للابتكار وريادة الأعمال في مجالات الأزياء والتصميم"، بتكليف مجموعة من الفنانين المحليّين لتصميم أزياء مستوحاة من المنسوجات الخلابة التي يقدّمها المعرض، ويشرف على هذا الجزء من المعرض تارا ديجاردان، القيّم الفنّي في المتحف.