في عدّة سنوات، استطاع الكاتب والمسرحيّ محمّد الخطيب (1980)، تحويل اسمه إلى ظاهرة لافتة على الساحة الفنّيّة الفرنسية. إذ لا يكاد ينتهي الحديث حول آخر أعماله في الصحافة والإعلام الفرنسييْن حتّى يعود بمشروع جديد يجذب إليه الأضواء مجدّداً.
أخيراً، عاد الفنّان بواحد من مشاريعه غير المألوفة، حيث أعلن عن بدء العمل على تأسيس فضاء فنّي ومسرحيّ داخل واحد من دور المسنّين في جنوب شرق فرنسا، بالتعاون مع "فضاء مالرو في شامبيري".
المشروع الذي من المنتظَر أن يرى النور بحلول الصيف المقبل، يقتضي دعوة فنانين بشكل منتظم للعمل أمام وإلى جانب سكان دار المسنين وزوّاره، وذلك في محاولة إلى منح المسرح جرعة من الحياة، وأخْذه إلى أماكن لا يذهب إليها عادةً.
ولا تخرج هذه الفكرة عن الإطار العام الذي يفكّر ضمنه محمّد الخطيب، والذي اعتاد خلخلة العزلة المسرحية، عبر استدعاء أشخاص "عاديين" للعب أدوارهم على أرقى خشبات المسارح، أو عبر أخذ المسرح إلى ناس قلّما عرفوه.
صعدَ نجْمُ محمد الخطيب في فرنسا عام 2014، حين وقّع الفنّان ذو الأصول المغربية عملَيْن مسرحيّين عرفا نجاحاً واسعاً، قاده إلى تقديمها لسنوات، في العديد من المسارح الفرنسية والبلجيكية. الحديث هنا عن "أنا، كورين دادا"، و"نهاية جميلة"، الذين أظهرا ميلاً واضحاً لدى المخرج الفرنسي إلى البحث عن مادّة مسرحية في أماكن ومواضيع قلّما عُرضت على الخشبة.
في "أنا، كورين دادا"، قدّم الخطيب بورتريهاً لسيّدة تعمل في تنظيف البيوت، أعطى اسمها لمسرحيّته. تجديد الخطيب كان في دعوة كورين دادا نفسِها إلى لعِب دورها أو، بالأحرى، إلى تقديم حياتها على الخشبة، مُخرجاً بذلك إلى الأضواء شخصيّةً لطالما عاشت على الهامش.
"نهاية جميلة" مثّلت مرحلة جديدة، صعد فيها نجم الخطيب، الذي يروي فيها، بأناة وبرودة ملحوظتين، الأيام الأخيرة من حياة والدته، كاشفاً عن نواة حياته الشخصية، ودامجاً بين العديد من الطبقات في نصّ واحد: أحاديثه الأخيرة إلى والدته؛ خلافه مع عدد من أفراد عائلته حول نقْله الموضوع إلى المسرح؛ رسائل التعازي التي تلقّاها من أصدقائه ومعارفه. نجاح المسرحية في "مهرجان أفينيون" المعروف، وفي مسارح عدّة، تكلّل بنيل نصِّها "الجائزة الكبرى للأدب المسرحي"، إحدى أرفع الجوائز المسرحية في فرنسا.