ميغيل أنخيل تورنيزو.. بحثاً عن صورٍ تقرّر مصيرها

28 أكتوبر 2024
"حزمة"، 2024 (من المعرض)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- "حزمة" (2024) هو العمل الرئيسي في معرض ميغيل أنخيل تورنيزو بمدريد، حيث يجمع بين الكولاج والطبيعة الصامتة والنحت، ليعبر عن تمرد الأشياء على سياقها المعتاد.

- المعرض يبرز التناقض بين التقدم التكنولوجي والعمل اليدوي، ويستكشف الحدود المادية والعقلية والزمنية، مما يخلق تجربة فريدة للزائر بين سحر المدينة وفخاخها.

- تورنيزو يستخدم حدسه لتحليل وتفكيك وإعادة تركيب العناصر، مستلهماً من أسواق السلع المستعملة، ليمنح الأشياء قوة وغموضاً وجاذبية، مضاعفاً معاني المناظر الطبيعية الصامتة.

"حزمة" (2024) هو عنوان العمل الرئيسي الذي يشكّل القسم الأكبر في معرض الفنان الإسباني ميغيل أنخيل تورنيزو، المقام حالياً في "غاليري خوان سيليو" بمدريد، بعنوان "الأشياء (طبيعة صامتة زائفة)"، والذي يتواصل حتى الثامن من تشرين الثاني/ نوفمبر المُقبل.

يدٌ كبيرة تتوّج أو تحتضن أو تُمسك تراكماً هائِلاً من العناصر المُتباينة: أعمدة حجرية، قِطعُ كرتون، صناديق، أوراق بعض الخضراوات، ورغيف خبز مفتّت إلى كسرات صغيرة، مُتّسخة ومبعثرة ومنزوعة السياق بعضها عن بعض؛ ربما بحثاً عن معانٍ جديدة. يمثّل العمل، على غرار المعرض بأكمله، مزيجاً إيحائياً، في منتصف الطريق بين الكولاج والطبيعة الصامتة والنحت والديودراما، إذ يتكوّن من صور قادرة على تعطيل التوقّعات حول الأشياء الصامتة التي تتمرّد للمطالبة بمساحتها وجسديّتها. 

اقتراح الفنّان واضح ورسالته لا تحتمل التأويلات: البحث عن صور تتحدّث. صور تقرّر مصيرها، وربما أغلبية الأشياء الموجودة في تلك الصور ستكون سعيدةً بالبقاء في مجالها الرقمي، على الشاشات، لكن ثمّة عناصر أُخرى ترغب في أن تكون أشياء أُخرى. هذا هو دور الفنّ: منح الأشياء الحرية التي لا تعيشها في الواقع أو في اللوحة.

منذ لحظة الدخول في المعرض، يمكن للزائر أن يلحظ السيناريوهات المختلفة للأعمال المعروضة، والتي بُنيت بعناية، بحيث تسيطر هي نفسها على مساحة السرد، سواء أكانت موجودة على الأرض مباشرة أم على طاولات العمل كقاعدة: الألمنيوم المطبوع والمُقطّع والمجمّع يظهر كعنصر مأخوذٍ من المدينة؛ الأنظمة البيئية التي تأخذنا في ترحال بين الحدود المادية والعقلية والزمنية. ضمن هذا المعنى، يشعر الزائر أنّه في معرض متناقض، معرض فيه الشيء وضدّه. فهنا صورة تحتضن التقدّم التكنولوجي، ولكنّها في الوقت نفسه تعلن التمرّد على طغيانه، وهناك صورة تُبرز قيمة العمل اليدوي، لكنّها تعوّل على الآلات الصناعية. في زاوية من المعرض، كلّ شيء يوحي بفكرة التخلّي عن المدينة بمجرّد اكتشاف فخّها، وفي زاوية مقابلة، كلّ شيء يوحي بسحر المدينة وبفكرتها الرومانسية. 

مزيج إيحائيّ بين الكولاج والطبيعة الصامتة والنحت والديودراما

هكذا يمضي الزائر في محاولة البحث عن جوهر ما، أو على الأقل عن نوع من الحقيقة، من خلال البناء المتعمّد لكلّ تلك المظاهر الزائفة والصامتة التي تشكّل الطبيعة من حولنا، والتي لا تخفي ترابطاتها.

معرض "الأشياء (الطبيعة الصامتة والزائفة)" هو خطوة إضافية في البحث عن دور الصورة، وهو عملية يلعب فيها الحدس والارتباط الحر بين الأشياء دوراً مهمّاً في قدرتنا على توسيع حدود التصوير الفوتوغرافي. 

في مواجهة الضوضاء الكونية، يلجأ ميغيل أنخيل تورنيرو إلى غريزته التي تحلّل وتمزج وتفكّك وتعيد تركيب ما يراه وما لا يراه. لقد تعلّم، حدسياً، من أسواق السلع المستعملة، ومن هذه السوق الكبيرة الذي نعيش فيها، أن يجاور الأشياء، لقد تعلّم كيف تصبح التراكمات والأشياء مع مرور الوقت أكثر قوّةً وغموضاً وجاذبيةً. وهذا تحديداً ما يثري أيّ منظر طبيعي صامت، ويضاعف معناه.

ميغيل أنخيل تورنيزو فنان أندلسي وُلد عام 1978 في مدينة جيان (خاين حالياً)، وتخرّج في الفنون الجميلة من "جامعة غرناطة"، وهو يعيش ويعمل حالياً في مدريد.

المساهمون