يزاوج الفنان الهندي هارديب ساهوتا بين بحثه الإثنوغرافي وتدوينه التاريخ الشفوي للفنون الشعبية في منطقة البنجاب، شمال الهند، التي احتضنت الحضارات اليونانية والفارسية والإسلامية، وبين ممارسته للعروض الأدائية والتصوير الفوتوغرافي، إلى جانب دور الحكواتي الذي يروي القصص التراثية.
في التاسع من الشهر الجاري، افتتح معرضه الجديد تحت عنوان "معجم بانغرا" والذي يقام افتراضياً حتى الأول من نيسان/ إبريل المقبل، بمشاركة الفنان الفوتوغرافي البريطاني تيم سميث، الذي وثّق بالصورة مشاهد المعرض بطريقة متسلسلة زمنياً.
يعود ساهوتا إلى واحدٍ من أقدم أنواع الرقص في البنجاب، والذي ينتشر على امتداد شبه القارة الهندية، ويرتبط بمواسم الحصاد في الربيع، وتؤديه جموع من الراقصين الذي يقدّمون عروضاً تجمع بين القفز والانحناء والحركة على إيقاعات الطبل (بقاعدتين يُنقر عليهما معاً)، وترّدد أيضاً أغاني قصيرة تسمى "بوليان"، ورغم ارتباطها بالنشاط الزراعي للهنود القدامى، إلا أنها نشأت ضمن فنون القتال قبل أن تتحوّل إلى احتفاء بما تنتجه الأرض من خيرات.
يستند المعرض إلى مشروع وثّق خلاله الفنان أكثر من ثلاثمئة حركة يؤديها راقصو البانغرا بكلّ تفرّعاتها وأشكالها، وتجاورهم أضواء ساطعة ضمن فضاء شبه معتم، ليكون أول توثيق بصري لهذا الفن البنجابي الذي لا تزال تعقد مهرجان متخصّصة في أدائه، كما تقام مسابقات لاختيار أفضل المؤدين، كما تمّ دمجه من قبل العديد من الفرق الهندية والآسيوية مع موسيقى الهيب هوب والريغي في العقود الأخيرة، ما فرض العديد من التغيّرات في فلسفة هذا الرقص وتقاليده لدى الناس.
يضيء ساهوتا على جميع هذه التحولات التي تعيشها البانغرا، كما أنها أصبحت لدى فئات عديدة تمريناً رياضياً يمارسه الرجال عادة في صالات الألعاب الرياضية، حيث لا يغفل المعرض هذا البعد التعليمي في محاولة لتقديم الرقص بطريقة تسّهل على الراغبين تعلّمه.
تُعرض مجموعة من الصور التي تعكس صورة حيّة ومؤثرة للرقص وتبرز حيوية الراقصين، وتوضّح "طبيعته العابرة"، كما يوضّح بيان المعرض الذي تمّ تصوير مشاهد الراقصين في حديقة يوركشاير ببريطانيا، حيث تمّ تصميم مشهدية الاحتفال بطابعها التقليدي الذي تعود نشأته إلى آلاف السنين، لتصبح مرجعاً بصرياً للأجيال القادمة.