هموم روائية: مع علوية صبح

19 سبتمبر 2024
علوية صبح
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **الاهتمام بالرواية العربية وأسباب ازدهارها**: شهدت الرواية العربية اهتمامًا متزايدًا في العقدين الأخيرين بسبب المتغيرات المجتمعية وحاجة الأفراد للتعبير، وتأثرت بحركة الرواية العالمية والجوائز العربية، مما أدى إلى تراكم كبير في عدد الروايات.

- **النقد الأدبي ووسائل التواصل الاجتماعي**: تراجع تأثير النقد الأكاديمي على القراء العاديين، وأخذت لجان التحكيم دور النقاد، بينما أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي منصة للدعاية أكثر من النقد الجاد.

- **علاقة الكاتبة بالكتابة والنشر**: الكاتبة تركز على الإبداع وتعيش عوالم الشخصيات، وتعتبر الجوائز محفزًا رغم الجدل حول مصداقيتها، وتنصح الروائيين الشباب بعدم الاستعجال في إصدار أعمالهم.

تقف هذه الزاوية مع روائي عربي عند أسئلة الرواية العربية اليوم، في ظل غياب النقد، وفي محاولة لرسم مشهد الرواية العربية وتشخيص حالها من خلال كتّابه. "الشخصيات التي كتبتها غيّرت أشياء كثيرة في ذاتي" تقول الروائية اللبنانية لـ "العربي الجديد".


كيف تفسّرين ظاهرة الاهتمام بالرواية العربية في العقدين الأخيرين؟
في ظنّي أن هناك العديد من الأسباب. ففي زمن المتغيّرات الكبرى في المجتمعات تزدهر الرواية. ثمة حاجة للّجوء إلى السّرد والتعبير عن التجارب الفردية أو المجتمعية. ولا ننسى التأثّر بحركة الرواية العالمية والغربية، حيث للرواية حضور فاعل في مجتمعاتنا. وكذلك الجوائز العربية التي لها تأثير كبير جدًا، والتركيز من دور النشر على إصدار الروايات، لكونها جاذبةً للقرّاء. ثم إنّ الرواية باتت موضة، ما أدى إلى استسهالٍ في كتابتها، وتراكم هذا الكمّ لدرجة كبيرة، كما حدث سابقًا مع الشعر، ولكن لم يبقَ سوى الشعراء الكبار. وكثيرًا ما نقرأ على الغلاف كلمة رواية، ثم نجد أن الكثير منها لا يمتّ بصلة إلى الإبداع الروائي على الإطلاق. لكن ما همّ، فما يبقى هو الروايات الحقيقية والعظيمة.


هل توافقين على أن الرواية العربية اليوم تسير بلا حركة نقد جدّية توازيها، وهل أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي بديلًا من النقد والنقّاد؟
هناك نقّاد كبار في وطننا العربي، وإن كانوا قلّة. هذا بالإضافة إلى النقد الأكاديمي الجادّ في الجامعات العربية والغربية للمتخصّصين في دراسات الأدب العربي الحديث، كما القديم. لكنّ التأثير في القرّاء أمر مختلف. ربما فاعلية المرجعية النقدية الجادّة تراجعت على القرّاء العاديين لأسباب كثيرة. إنّ لجان التحكيم في الجوائز العربية أخذت كثيرًا من دور النقّاد، ولها التأثير الأكبر في نسبة القراءة. أما ما يُكتب من "بوستات" عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فأغلبه يأتي من باب الدعاية والإعلان للمتتبعين. ولكن علينا ألّا نضيّع البوصلة.


هل هناك قارئ افتراضي تفكّرين به في أثناء الكتابة أو عند دفع الكتاب للنشر، وما ملامح هذا القارئ؟
لا أفكّر مطلقًا بالقارئ ولا بالنقد ولا بأي رقابة ذاتية أو بأي شيء يحول دون ما أريد التعبير عنه بشكل حقيقي، ودون أي زيف أو مراوغة أو حِيَل لغوية. أنسى حتى نفسي والعالم وكل شيء حولي. أعيش خلال الكتابة عوالم الشخصيات ومشاعرهم، وأحسب نفسي كل واحد منهم. أصير هم ويصيرون أنايَ. وحين أنتهي من كتابة الرواية أجد صعوبة في التخلّص منهم. وبعدما يرحلون عني أجد أنهم غيّروا أشياء كثيرة في ذاتي. كأنهم كانوا المعلّم لي لتعلّم الحياة، بعدما وهبوني أعمارًا كثيرة عشتها معهم في كل رواية. والغريب أنه قبل البدء بأي رواية أشعر بنقصان هائل في حياتي، فأسعى لتكتمل مع عيشي حيوات الشخصيات خلال الكتابة.

لجان التحكيم في الجوائز العربية أخذت كثيرًا من دور النقّاد


لكونك روائية، من هو فريقك، هل تعتمدين على محرر في أثناء كتابة العمل، أو مدقق بعد الانتهاء منه؟
يحدث أن أقدّم الرواية إلى دار النشر (دار الآداب) وهي لديها مدقق لغوي لتفادي أي خطأ.


ما هي علاقتك بناشرك وإلى أي درجة تعتبرينه شريكًا؟
علاقتي بـ "دار الآداب" التي تُصدر رواياتي جدّ وثيقة وممتازة ورائعة، كما تربطني صداقة حميمة بالسيدة رنا إدريس مديرة الدار. وأنا أثق جدًا بها، وبأي رأي تبديه بكل صراحة. إني أعتبرها حقًا شريكة فعلية صادقة وأمينة.


تثير جوائز الرواية جدلًا بين من يشكّكون بمصداقيتها وجدّية القائمين عليها، معتبرين أنها أعادت الرواية العربية إلى الوراء، وبين من يعتقدون أنها تساهم في ازدهار فن الرواية وتنشيط سوقها في العالم العربي، كيف تقرأين هذا المشهد وكيف تتعاملين معه؟
لقد ساهمت الجوائز العربية كثيرًا في اتساع نسبة القراءة لأعمال الفائزين من الكتّاب. أما الفوز فذلك يعود للجان التحكيم، فهي المسؤولة عن الاختيار. هناك أعمال كانت تستحق، وأخرى لا أعرف لماذا اختيرت. وبالنسبة إليّ، أعتبر أن الكاتب الذي يقدّم عمله للجوائز، يجب أن يتقبّل النتيجة مهما كانت. وبرأيي أنه ليس بالضرورة أن الروايات الجيدة التي لم تفز هي أقلّ قيمة من أعمال الفائزين.

أعيش مشاعر الشخصيات وأحسَب نفسي كل واحد منها


كيف تنظرين إلى ظاهرة ورشات تعليم الرواية، وعلى المستوى الواقعي ما هي ورشة الروائي أو محترفه برأيك؟
من جهتي لا أؤمن بهذه الورشات ولم أقبل طلب بعض الجامعات لتدريس كتابة الرواية. لا أعرف إن كانت الموهبة تحتاج إلى تعلّم التعبير عنها. وحدها الثقافة تصقلها. ربما الموهبة عنيدة لا تطيع إلا صاحبها ولا تهتدي للتعبير عنها إلا به.


كيف تفسّرين ظاهرة الرواية "الأكثر مبيعًا" في العالم العربي؟
هذه الظاهرة موجودة في كل العالم، ولكن ليست الأكثر مبيعًا هي الأكثر قيمة أدبية.


ما هو برأيك موقع الرواية العربية على خريطة الإبداع العالمي؟
يبدو أن القرّاء الغربيين لا يُقبِلون على الاهتمام بالروايات العربية. إنهم يهتمون بالروايات الغربية بشكل أساس، إلا لمن فازوا بجوائز كبيرة. ولكن هناك روايات عربية كبيرة لا تقلّ أهمية عمّا يُنتج في الغرب. والرواية العربية ما زال لديها تحديات كثيرة ليكون لها موقعها العالمي، إلا أنها تتقدّم بشكل ملحوظ.


ماذا تقولين لروائي عربي شاب يكتب روايته الأولى الآن أو يفكر في كتابتها؟
ألّا يستعجل في الإصدار. العمل الروائي يحتاج إلى مجهود كبير ليتيقّن الكاتب من قدرته على إنجاز عمله.


بطاقة
كاتبة وروائية لبنانية، من مواليد بيروت عام 1955. صدر لها: "نوم الأيام" (1986)، و"مريم الحكايا" (2002)، و"دنيا" (2006)، و"اسمه الغرام" (2009)، و"أن تعشق الحياة" (2020)، و"افرح يا قلبي" (2022). تُرجمت رواياتها الى لغات عديدة منها الفرنسية والألمانية والإيطالية والإنكليزية. حازت عدة جوائز، من بينها جائزة السلطان قابوس للإبداع الروائي (2008)، وجائزة العويس للرواية (2019). 

وقفات
التحديثات الحية
المساهمون