مع المنفى، هناك بدأت علاقة إيجابية وجهتني إلى أجزاء كثيرة من العالم.
أول بلد ـ معطف، لي، كان كارثة. بعده، أجبرت على الفرار.
ظننت أني سأتحرّر منه، إنما كان يرافقني أينما ذهبت.
ولم أسوّ الأمر حتى اللحظة.
كان هناك تأخير في الوعي بالدنيا، بيد أني وصلت منافيّ في الوقت المناسب، وذلك كي أحدَّ من طوفان الأسى، يتلبسني في الأربع جهات.
الأسى الذي استحقني وما كنت لأستحقه.
كان المنفى في البدء عالما ساحقًا، عرفَ أنه في كل غريب توجد موسيقى جيدة وموسيقى سيئة.
كان لديه شخصية متنوعة. ثم بعد ذلك جعلني أشعر، ولو تهيؤات، وكأني في الجنة، لأنه يدفع ويشجّع.
لكن في بعض الأحيان كان لا هوادة فيه وجافاً وبارداً مثل لوحة رخام على رصيف مهجور.
لقد علمني أن أبحث عن جوهر الموسيقى بحرية دون تحيّز: لأشعر أن العالم مكان صالح لإقامة الكائن البشري فيه.
وعليه، يجب أن أتعامل معه على أنه ولّاد تجارب.
ولا يمكنني أن أنسى فضائله الأولى: لقد علمني أن الهدف الأساسي للحياة، كما للموسيقى، هو تحقيق الحرية البشرية من خلال الصوت المادي.
* شاعر فلسطيني مقيم في بلجيكا