بمناسبة ذكرى رحيله، أقامت أمس "دائرة الفنون التشكيلية" في وزارة الثقافة العراقية في بغداد، معرضاً استذكارياً للنحات العراقي محمّد غني حكمت (1929 – 2011) الذي غادر عالمنا قبل أربعة أعوام، في 12 أيلول/ سبتمبر في أحد مشافي عمّان.
لحكمت ما لا يقل عن 15 نصباً ضخماً تتوزّع في أنحاء العاصمة العراقية، كثير منها عُرف لدى الجمهور، من دون أن يعرف من هو صاحبها، مثل "كهرمانة" ونصب الشهيد وتمثال المتنبّي وفانوس علاء الدين.
من جهةٍ أخرى، يخفى على الكثيرين أيضاً، أنّ نصب الحرية الشهير، الذي أعدّه النحات جواد سليم (1921 – 1961)، مُجسّداً مسيرة الشعب العراقي، كان قد أكمل إنجازه حكمت، بعد أن رحل الأول.
اتّخذت بعض أعمال حكمت، بعد احتلال العراق عام 2003، معانيَ جديدة وتأويلات سياسية انبثقت عما حلّ بالعراق من خراب. فنصب "كهرمانة"، الذي أقيم في السبعينيات، أصبح له قراءة مُختلفة بعد الاحتلال. العمل مأخوذ من قصة "علي بابا والأربعون حرامي"، إذ يتألّف من امرأةٍ (كهرمانة) تصبّ الزيت على رؤوس أربعين لصّاً.
نصب كهرمانة في بغداد |
حينها، رأى العراقيّون أنّ العمل يمثّل واقع بلادهم كالآتي: مجلس الحكم المؤقّت الذي جاء به الاحتلال، يضمّ أربعين شخصاً (لصّاً). قرارات الحاكم المدني للعراق آنذاك، بول بريمر، تتكوّن من 53 قراراً، القرار رقم أربعين كان حلّ الجيش العراقي.
في سنواته الأخيرة، أنجز حكمت أربعة أعمال، شكّلت بالنسبة له ذروة تمجيده وحبّه لمدينته. التمثال الأول، كما يصفه: "امرأة من البرونز جالسة باستعلاء تمثّل بغداد"، وأسفلها عمود حجري منحوت عليه أشعار عن المدينة. النصب الثاني هو عبارة عن نافورة على شكل قبّة عليها أيضاً كتابات شعرية لـ مصطفى جمال الدين، منها:
بغداد ما اشتبكتْ عليكِ الأعصرُ إلّا ذوتْ ووريقُ عمركِ أخضرُ
مـرّتْ بكِ الدنيا وصبحكِ مشمسٌ ودجت عليك ووجه ليلكِ مقمــرُ
النصب الثالث، هو فانوس علاء الدين؛ نافورة برونزية ارتفاعها عشرة أمتار. عموماً، استقى حكمت معظم أعماله من أساطير العراق وتاريخه الفني، خصوصاً النحت السومري. هكذا، أنجز النصب الرابع، "إنقاذ الثقافة العراقية". يتألّف هذا العمل من ختم أسطواني مكسور، تمتدّ إليه أيادٍ تمنع سقوطه. نُقش على الختم بالأحرف المسمارية: "من هنا بدأت الكتابة".
نصب إنقاذ الثقافة العراقية |