من الصعب، خارج الكلام التزويقي الجاهز، أن تجد من يحدّثك بتفاؤل عن سنة الثقافة والحريات المصرية في 2015، في ما عدا إنجازات فردية شقّت طريقاً بين الدخان.
الأمر يبدو قابلاً للتوقّع، فاهتزازات الحياة اليومية، وضخ العنف في شرايينها، وقلة الحيلة أمام التحديات الاقتصادية والاجتماعية، ثم عودة التخشّب لخطاب السلطة، والفظاظة في إجراءاتها وردود أفعالها، كل هذا يحرم "الترف الثقافي" من متّسع يتحرّك ضمنه.
كانت 2015 سنة أخرى من رجوع الاستبداد والتضييق. في الثقافة تحديداً جرى إغراق الجو بالهواء الملوّث. طوال العام ارتدى النظام أقمشة ديمقراطية فوق جسد استبدادي، ما يوحي بعودة "موت السياسة"، وتحت فراش هذا الموت، لن تكون الثقافة سوى حالة زبونية تنتظر المواعيد في رزنامة المناسبات، أو تُستدعى من أجل زخرفة "الإنجازات" الجديدة.
يُقال أن القوة لا يصدّقها أحد منذ أن تتعرّى مرة، فما بالك إذا تعرّت مرات. وفي آخر 2015، أصر النظام المصري على نهاية بائسة (ورمزية) بحجبه لموقع "العربي الجديد" وكأنها إشارة الإصرار على استئناف زمن ما قبل ثورة يناير. إنه أيضاً إصرار على فضح العقلية التي تحرّكه، فأمام العجز يجري نسف الفرص التي تتضمنها الحريات.
رغم هذا المناخ، يبقى للثقافة والفن هامشهما؛ في الينابيع الفردية وفي تكتيكات الخفة التي لا تحتمل، وفي إشارات شعبية ذكية بأن الغطرسة لا يصدّقها أحد حتى دعاتها ومزيّنوها.
اقرأ أيضاً: زمن التأديب وزمن القتل