بينما كانت الدوحة تبدو، في عام 2014، وكأنّها ورشة ثقافية مفتوحة ومستمرّة؛ ذهبت في 2015 إلى إرساء بعض ما شرعت بتأسيسه والعمل عليه في السنوات الماضية فبدأ "معجم الدوحة التاريخي للغة العربية" بتنظيم فعاليات إلى جانب مشروعه الكبير؛ أبرزها كانت ندوة أُقيمت يومي 26 و27 من الشهر الماضي، بالاشتراك مع "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، بعنوان "اللغة العربية في بيئات ومجالات مختلفة"، شارك فيها قرابة ثلاثين باحثاً ولغويّاً بأوراقٍ تسلّط الضوء على حاضر اللغة العربية ومستقبلها، ومدى القدرة على تمكينها في مجالات العلوم والمعارف المختلفة والحوسبة.
أما "المركز العربي"، فإلى جانب جملة من المؤتمرات الفكرية، فقد قدّم هذا العام مجموعة من الإصدارات والأبحاث البارزة والترجمات، مثل "أحوال الزواج في قرية فلسطينية" الذي صدر ضمن سلسلة "ترجمان"، للباحثة الفنلندية هيلما غرانكفست، ونقله إلى العربية كل من خديجة قاسم وإخلاص خالد القنانوة.
وتعدّ هذه الدراسة مصدراً مهمّاً من مصادر توثيق حياة القرية الفلسطينية المتاحة للقارئ العربي. وضمن السلسلة نفسها، صدر أيضاً كتاب لافت هو "صنع العدو أو كيف تقتل بضمير مرتاح"، للباحث الفرنسي بيار كونيسا، ونقله إلى العربية نبيل عجّان.
جملة من الجوائز قدِّمت في الدوحة هذا العام، منها "جائزة كتارا للرواية العربية"، التي أقيمت دورتها الأولى في أيار/ مايو الماضي، والتي يصعب القول إنها حققت المأمول منها وتجاوزت ثغرات الجوائز الخليجية الأخرى.
تعرف الدوحة اهتماماً بارزاً في قطاع الفنون التشكيلية، والبصرية عموماً، إذ عرض عشرات الفنانين العرب والأجانب أعمالهم على مدار السنة في المدينة. في "متحف الفن الإسلامي" أقيم معرض كبير بعنوان "القاجاريات ـ صورة المرأة الإيرانية في القرن التاسع عشر"، ويستمر حتى 30 من الشهر الجاري.
كما يحتضن المتحف نفسه معرضاً آخر، بعنوان "الصيد: هوايات الملوك في الأراضي الإسلامية"، يستمر حتى التاسع من الشهر الجاري. من خلال ثمانين قطعة فنية، تتراوح بين المخطوطات والخزف والمعدن والنسيج والزجاج والأخشاب وأدوات الصيد، يسلّط المعرض الضوء على تاريخ رياضة الصيد في العالم الإسلامي.
شهدت الدوحة أيضاً إقامة دورتين من "معرض الدوحة الدولي للكتاب"، الأولى أقيمت في بداية العام، والثانية في نهايته، وقد شهدت الأخيرة ممارسة للرقابة ومنعاً لبعض العناوين. في سياقٍ آخر، تواظب "أوركسترا قطر الفيلهارمونية" على تنظيم عروض شبه أسبوعية لموسيقيين يؤدّون أعمالاً كلاسيكية.
كما نظّمت، في تشرين الثاني/ نوفمبر، يوماً موسيقياً طويلاً بعنوان "مهرجان الموسيقى"، أقيم في "مركز قطر الدولي للمؤتمرات"، وتضمّن تسع حفلات، ضمّت كل واحدة مجموعة من العروض المتنوعة.
سينمائياً، واصل كل من مهرجاني "أجيال" و"الجزيرة للأفلام التسجيلية" إقامة دورتيهما كما كل عام.
إلى حدّ ما، بدا هذا العام الثقافي في الدوحة أكثر هدوءاً من الأعوام السابقة؛ ضمن استمرارية سعيها إلى تعزيز مكانتها الثقافية بين العواصم العربية.
اقرأ أيضاً: أزقّة عربية في نيويورك 2015