منذ 2011، تتواتر أعمال المسرحي التونسي محمد رجاء فرحات، والتي باتت تقوم على عمادين: التاريخ وفن الحكواتي. من مسرحية "بورقيبة.. السجن الأخير" (2012) إلى "تونس زمان" (2015)، وصولاً إلى عمله الجديد "سردية قرطاج" الذي يقدّم غداً عرضه الأول، فإن ما يتغيّر في كل مرة هو اللحظة التاريخية، أما بقية العناصر المسرحية فتكاد تكون هي نفسها.
يُعرض العمل الجديد في مسرح "أغورا" في مدينة المرسى بالقرب من تونس العاصمة، وهو عودة إلى الحديث عن الحضارة القرطاجية وقراءة في لحظاتها المفصلية مثل أسطورة تأسيسها مع الأميرة الفينيقية ديدون، أو مع أشهر أبنائها القائد الحربي هنيبعل، وصولاً إلى تدميرها.
هل سيكون فرحات في هذا العمل قريباً من الإحالات السياسية كما فعل في مسرحية "بورقيبة السجن الأخير" ونسختها المعدّلة "بورقيبة.. خطاب البلماريوم"؟ أم أنه سيتحاشى ذلك ويقدّم فقط مشهد مرحلة كما فعل في "تونس زمان" التي استعاد فيها أجواء الحياة الشعبية في تونس في النصف الأول من القرن العشرين. تساؤل آخر كثيراً ما يُطرح مع كل عمل جديد للمسرحي التونسي وهو منسوب السخرية التي سيضمّنها في عمله.
ستكون مسرحية "سردية قرطاج" باللغة الفرنسية، وهو خيار قد يحصر العمل في نخبوية، لعلها مقصودة من فرحات الذي يتحاشى في السنوات الأخيرة العروض الجماهيرية، وخصوصاً في مسارح تونس العاصمة. لكن علينا أيضاً ألّا ننسى أنه واحد من ذلك الجيل الذي درس في فرنسا وعاد في سبعينيات القرن الماضي بـ"رؤية جديدة" للمسرح التونسي؛ جيل فاضل الجعايبي ومحمد ادريس وفاضل الجزيري.