يبدو ملاحظاً اختيار كلّ من القاهرة وتونس وتطوان المغربية ومادبا الأردنية في حقل الحرف والفنون الشعبية ودبي في حقل التصميم، بينما تغيب بقية الحقول من سينما وأدب وموسيقى وفنون وإعلام وحتى فن الطبخ عند انتخاب معظم المدن العربية.
في أكثر من 180 مدينة مبدعة في 72 بلداً اختارتها المنظّمة الدولية خلال 13 عاماً، لا يظهر سوى عدد قليل من المدن العربية، ربما لأن أساس الانتقاء قائم على دور الثقافة بوصفها محفّزاً للتنمية، وهي مسألة شبه غائبة في عالمنا العربي.
منذ سنتين اختارت "اليونسكو" بغداد مدينة للإبداع العالمي، وكالعادة جرى برمجة أنشطة وزارة الثقافة العراقية المقرّرة سلفاً باعتبارها جزءاً من فعاليات المدينة المبدعة، التي تركّزت على بعض أمسيات هنا وهناك وتسيير زورق ثقافي في نهر دجلة، ولم يستطع القائمون على الملف اجتراح مشروع دائم يمكن من خلاله إحداث فارق تنموي.
ليس تشريفاً أو امتيازاً أن تنتخب مدينة عن غيرها كما تعتقد بعض وسائل الإعلام العربية، حيث وقع الاختيار في مرّات على مدن حديثة جداً أو صغيرة في المساحة أو قليلة الكثافة السكانية ولكنها تمتلك ثقافة وفناً يؤهلانها للتطوّر، فأصحاب الفكرة يبحثون عن مفاتيح أساسية أو روافع افتراضية تمّكّن المسؤولين فيها عن وضع خطط إنمائية تستفيد من هذه الممكّنات غير المستغلّة على نحو فعّالً مسبقاً.
كيف ندمج الثقافة في إستراتيجيات وخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية؟ هذا هو سؤال "اليونسكو" الذي توجّهه بشكل غير مباشر، ولا تقدّم إجابات جاهزة عنه فلكّل مدينة عقلها وذوقها وإبداعها الذي يحتاج إدارة رشيدة ونزيهة وحديثة وتقبل بالتعدّد حتماً، ويمكنها عند ذلك أن تحقق تنميتها التي تريد.
يُذكر أنه من المقرّر عقد الاجتماع القادم لشبكة المدن المبدعة في مدينتي كراكوف وكاتوفيتسه البولنديتين في حزيران/ يونيو من عام 2018.