رحل أمس الشاعر الروسي يفغيني يفتوشينكو (1932-2017) في أحد مشافي مدينة تلسا في ولاية أوكلاهوما الأميركية بعد هبوط مفاجئ في القلب.
منذ عشرينياته، كسب يفتوشينكو شهرة بوصفه شاعراً معارضاً في بلاده روسيا، وكان ذلك عقب كتابته قصائد ناقدة لحكم ستالين.
عام 1961، كتب صاحب "المنقّبون عن المستقبل" قصيدته الأبرز، "بابي يار"، التي جعلت منه شاعراً مأساوياً إلى جانب تلك الصفات الثورية الشابّة، إذ كانت القصيدة رثاء لـضحايا يهود قتلتهم النازية.
حملت "بابي يار" اسم وادٍ في كييف بأوكرانيا، حيث وقعت المجزرة التي وثّقها الشاعر في قصيدة، وقد ألّفها بعد زيارة الوادي والبحث عن أي أثر للضحايا؛ إشارة أو شاهدة قبر أو علامة كما روى أكثر من مرة.
في آخر مقابلة أُجريت معه عام 2007، وصف يفتوشينكو شعره بأنه "ليس سياسياً بل شعراً عن حقوق الإنسانية"، وأضاف "شعري يدافع عن الضمير الإنساني بوصفه القيمة الروحية الأعلى شأناً".
لكن الضمير نفسه لم يسعف يفتوشينكو في علاقته مع "إسرائيل" ومشاركته في برامج مختلفة شعرية وسياسية تصب في الدعاية الصهيونية. يروي الكاتب والأكاديمي الفلسطيني فاروق مواسي أن يفتوشينكو دعي سنة 1988 إلى "بيت الأديب" في "تل أبيب"، وبعد أن قرأ "بابي يار"، ودافع عن السياسات الإسرائيلية بحسب مواسي، سأله الأخير في حديث شخصي: "هل كتبت شيئاً عن القتل اليومي الذي يجري في بلادنا؟ هل أنت تتابع القضية الفلسطينية؟"، فكان الصمت هو ردّ الشاعر.
كان صاحب "حشود الصباح" و"أربع نساء مبتذلات" و"بعد ستالين" و"محطّة الشتاء"، طويلاً قوي الملامح وصاحب صوت مؤثّر، لذلك كثيراً ما نُظّمت له الأمسيات الشعرية، بلغ عدد حضور إحداها -كما تقول الروايات- مئتي ألف، حيث أقيمت في ملعب كرة قدم سنة 1991. وقد وُصف آنذاك بأنه "أقرب ما يكون إلى نجم روك منه إلى شاعر هادئ يرتدي النظّارات".
كتب يفتوشينكو الشعر والرواية والسيناريو وشارك بظهوره شاباً في أفلام روسية وكتب نصوصاً مسرحية ومقالات في مواضيع مختلفة.