كرّس الراحل إبداعه لفهم الأبعاد النفسية للشخصيات التي رسمها، بدءاً من زوجته إيفون التي كانت الموديل الرئيسي في حياته وظهرت في حوالي مئة وسبع عشرة لوحة، وكذلك المثقفين والسياسيين مثل توفيق الحكيم ولويس عوض ونجيب محفوظ ومحمد عبد الوهاب وزكي نجيب محمود وإحسان عبد القدوس ويوسف إدريس وأحمد بهاء الدين، إلى جانب الرئيس الإندونيسي أحمد سوكارنو، والرئيس السوري شكري القوتلي.
في غاليري "ليوان" في القاهرة، يتواصل المعرض الاستعادي للفنان صبري راغب حتى الحادي والثلاثين من الشهر المقبل، والذي يضمّ خمساً وأربعين لوحة بالألوان الزيتية والباستيل تمّ اختيارها لتعكس صورة شاملة ودقيقة عن الأعمال الكثيرة التي قدّمها في مشواره.
تضمّن تقديم المعرض مقولة للفنان تصف لوحاته "إن رسم الإنسان من أصعب أنواع الفنون لأنها ليست عملية نقل فوتوغرافية فالفنان يحتاج لدخول النفس البشرية إلى الأعماق ليصورها ويكشف الأشياء التي قد يحاول الإنسان أن يخفيها. وأنا أعتقد أن الصعود إلى القمر أبسط بكثير من أعماق النفس البشرية، لذلك أؤكد أن رسم البورتريه من أصعب أنواع الفنون".
يركّز راغب على الوجه بشكل أساسي مبرزاً نساءه بأوضاع وحالات مختلفة، حيث يتضمّن المعرض بورتريه لامرأة ترتدي غطاء على رأسها، وثانية تنهمك في أعمال الخياطة والتطريز، وأخرى تشاهد التلفزيون أو تجلس على مقعد أو تحمل وروداً بين يديها، كما تصوّر بقية الأعمال زهوراً في إناء (مزهرية) بألوان عديدة وموضوعة في أماكن متنوّعة في البيت، أو لمناظر طبيعية صامتة.
على مدار ستين عاماً، لم يقدّم الفنان أعمالاً خارج هذه المناخات والتأثيرات وظلّ منتمياً لمرحلة وثقافة وطبقة بعينها، وربما كان ذلك سبب عزلته وكآبته في المراحل الأخيرة من عمره، مفضلاً عدم التواصل مع الناس حتى رحيله، لكنه ترك لوحات تشير إلى خصوصيته وتفرّده.