رحل أمس الأربعاء الفنان التشكيلي العُماني أيوب ملنج (1955 - 2018)، إثر تدهور صحته بشكل مفاجئ في المستشفى السلطاني، تاركاً أعمالاً فنية توزّعت بين التشكيل والنحت.
ملنج من مواليد مسقط، وكان عضواً في جمعيات محلية وعالمية، شارك في العديد من المعارض في السلطنة ودبي والبحرين والأردن وهولندا وأستراليا وكندا، وحصل على عدد من الجوائز، وصدر حول كتاب بعنوان "أيوب ملنج، رائد النحت العُماني".
بدأ الفنان مسيرته الفنية بالاشتغال على الطين في عقد السبعينيات، انتقل بعدها إلى خامة الخشب في أعمال تناولت ثيمات مختلفة من بينها طائر اللقلق، والصيّاد، والأمومة.
اشتغل أيضاً في الحفر على مادة الرخام المحلي، وهي خامة عصية على التطويع إذ تحتاج إلى يد دربة وتركيز ذهني شديد، "فأي خطأ بسيط قد يهدم العمل كله" كما قال ذات مرة، مبيّناً في حديث سابق إلى "العربي الجديد" بأن "الرخام يعطيك روحاً"، تلك الروح التي طوّعها في أكثر من عمل، لعل "عازف" أشهرها، وهي الخامة التي استقر عليها في أعماله الأخيرة.
جمع الفنان أيضاً بين الخشب والرخام في عدة معارض شخصية أبرزها معرض لافت أُقيم في 2015، جسّد فيه "رقص الطيور" التي طالما شُغف بها وهي تداعب الأمواج على شاطئ مطرح، حيث "قام بإنجازاته النحتية تلك عبر خامات أغلبها حجرية وخشبية مُجسّداً من خلالها موضوعاته الموحية بالثبات والسكون أحياناً، وبالحركة في أحايين أخرى انطلاقا من وضعيات مختلفة ومتنوعة كالانحناءات والتعانقات وغيرها"، كما عبّر أحد أصدقائه الفنانين عن تلك التجربة آنذاك.
كان الفنان يسعى إلى تحقيق أمرين؛ الأول أن يتم توظيف الأعمال الفنية للفنانين العُمانيين في الساحات والحدائق العامة، وهو ما تحقّق جزئياً لبعض أعماله وأعمال فنانين آخرين.
بدأ ملنج الرسم من خلال لوحات تصوّر المناظر الطبيعية، من أهمها أعمال مثلّت حنيناً إلى مسقط القديمة فترة السبعينيات، حين بدأ خطاه في مجال الفن أمام قوارب الصيد والنوارس المحلقة وحركة الميناء الدؤوبة ووجوه الصيادين، فضلاً عن البيوت المتقابلة أبوابها والمقاهي والسوق القديم وهندام النسوة التقليدي وغيرها من ذكرياته وانطباعاته الفنية.
أما حلمه الأكبر، فكان بناء متحف خاص بمقتنياته الفنية تضم أعماله الكاملة، حيث اختار موقعاً بالقرب من قرية "التصاوير"، يطل على وادي فنجاء في ولاية بدبد، (40 كم تقريبا شمال العاصمة مسقط).
بدأ أيوب ملنج في السنوات الأخيرة تصميم المكان وجمع أعماله المتوزعة، آملا أن يكون المتحف، بجوار تلك القرية التي تحيط بها الجبال الشاهقة، مزاراً مفتوحاً لمحبي فنه من عُمان وخارجها، فهل سيتحقق للفنان حلمه، في مفارقة للجمع بين اسم المكان وطبيعة الفن كمصوّر لرحلته على هذه الأرض؟