أقامت "مؤسسة الأسوار الثقافية" و"اتحاد كتاب عرب 48" في مدينة عكا المحتلة عند السادسة من مساء أمس الأحد ندوة حول كتاب "معارج الإبداع: ما لم يُنشر من الكتابات الأولى للأديب الشهيد غسان كنفاني ما بين 1951 – 1960" الصادر حديثاً عن دار نشر المؤسسة من إعداد عدنان كنفاني.
في ورقته، أشار الكاتب يعقوب حجازي إلى أن "تأسيس مؤسسة ودار الأسوار جاء في أعقاب اغتيال الاحتلال لصاحب "عائد إلى حيفا"، حيث أراد اغتيال الأدب المقاوم، وكان الرد الطبيعي هو إنشاء المؤسسة التي تعمل منذ أكثر أربعين عاماً على إحياء ذكرى غسان كنفاني والأدب الفلسطيني المقاوم".
أضاف "نصدر اليوم هذا الكتاب الذي أعدّه شقيق غسان كنفاني، وضّمنه كلّ ما لم ينشر من أدبه في حوارات وقصص قصيرة، ما يكسبه أهمية خاصة سيلتفت إليها النقاد في ما بعد".
وتحدّث الكاتب أنطوان شلحت عن أثر غسان كنفاني في حقل الكتابة الأدبية التي تسعى إلى استكشاف الصفة الخاصة جداً للقضية الفلسطينية من دون التنازل عن صنعة هذه الكتابة أو فنيتها، مشيراً إلى أنه من الآباء المؤسسين للرواية الفلسطينية، ليس بمعنى الأسبقية الزمنية -فهناك من سبق هؤلاء الآباء- بل بالمعنى الأعمق للتأسيس، وهو تأسيس فنية الرواية ذاتها.
تطرّق أيضاً إلى ما وصفه بأنه منهجه التركيبي في الكتابة، الذي جاء ليخدم مقولته: "أنا أريد أن أقول شيئاً، وأحياناً أستطيع قوله بكتابة الخبر الرئيسي في صحيفة الغد، وأحياناً بصياغة الافتتاحية و.. أو صياغة خبر صغير في صفحة المجتمع. بعض المرات لا أستطيع أن أقول الذي أريد إلا بقصة".
توقف شلحت عند غسان كنفاني الباحث، موضحاً أنه لدى قراءته تصعب إقامة حدّ فاصل بين نتاجه الأدبي، الذي توزّع على "جانرات" مختلفة، وبين بحوثه التاريخية والأدبية، وأهمها بحثه التاريخي عن ثورة 1936، وبحوثه الأدبية "أدب المقاومة في فلسطين" و"الأدب الفلسطيني المقاوم" و"في الأدب الصهيوني". ففي هذه البحوث، كما في نتاجه الأدبي عموماً، يظهر كنفاني حاملاً على كتفيه مشروعاً ثقافياً- سياسياً يسعى على جبهتين: الأولى قومية عربية، والثانية وطنية فلسطينية. ولعل مقارنة جوهر هذا المشروع بما يجري الآن على الجبهتين ذاتهما تكشف لنا عمق غاياته وضرورته في آنٍ واحد. وأكد أنه بشكل عام يمكن القول إن كنفاني كان مثقفاً غرامشيّ النزعة؛ أي ذلك المثقف الذي يُتوئم المعركتين السياسية والثقافية. وتبرز هذه النزعة، أكثر شيء، في بحوثه".
وجاء في جزء من كلمة المؤلف التي قرأها حجازي "سهوب امتدت من سفح جبل شامخ، حملت بحة وقبضة تراب، وجرعة ماء، اقتحمت دون إنذار وحشة الكبد، واستقرت. كانت "طقوس" الميجنا تعزف لحنها الموشى بذاكرة ندية، حملت على كاهلها تعب وطن تشظى بين وبين، لكنه بقي في القلب وشغاف الروح، أصيلا وفيا ينتظر أوبة أبنائه".
من جهته، قال الشاعر سامي مهنا: "إن كل من يولي قلبه نحو أدب وفعل المقاومة والثورة ونحو فلسطين يجد وجه غسان. لقد كتب غسان إجابة في حبره ودمه؛ الرجال يصنعون الثورة، صياغة بالموقف والفعل والاشتعال الكامل. فلا يشعل الثورات سوى المشتعلون بها، المنشغلون بها لا عنها".