أعمال المسح الأثري تأتي ضمن مشروع استدامة الإرث الثقافي، التي تنفذه "الجمعية الملكية لحماية البيئة البحرية" بالتعاون مع دائرة الآثار العامة، وتنفيذ من الآثارييْن الأردنية سوسن الفاخري والمصري إسلام سليم، بدعم "المركز الأميركي للأبحاث الشرقية".
في حديثها لـ"العربي الجديد" تشير الفاخري، أستاذة الآثار ومكتشفة الموقع إلى أن "أعمال المسح البحري لشاطئ مدينة أيلة الاسلامية قادت إلى الكشف عن ميناء بحري يعدّ أول عمارة بحرية غارقة يتم العثور عليها في الأردن، ويعود إلى الفترة الإسلامية الأموية حتى نهاية الفترة الفاطمية (650 - 1116م)".
تضيف "يتألف الميناء من حاجز أمواج حجري على شكل (L) بمقاسات (45×8م) و(17×8م)، ويتصل بأرضية صلبة من الطين امتدت إلى خارج الشاطئ يتخلّلها ممرّ محدّد بجدارين حجريين بشكل مائل يصل بين الميناء وبوابة البحر لمدينة أيلة الإسلامية، مارّاً بمخازن ودكاكين لنقل وتخزين البضائع القادمة والمغادرة للميناء".
"يتوقع أن يحوي الميناء مرافق أخرى قد يتم الكشف عنها خلال أعمال حفر مستقبلية، عن وجود فرن خاص لإنتاج فخار أيلة المستخدم في نقل البضائع، وكذلك مناطق مخصّصة لصيانة وصناعة السفن، وصناعة الأشرعة والمرساوات وغيرها"، بحسب الفاخري.
كما تلفت إلى أنه "عُثر خلال أعمال المسح على مرساوات حجرية مختلفة الأشكال والأحجام يرجّح أنها كانت تنتج في الموقع نفسه، حيث تم اكتشاف هذه الكتل الحجرية خلال مراحل تصنيعها".
تتابع "من خلال الكسر الفخارية والحجرية والمعدنية يمكن التعرّف على مدى نشاط ميناء أيلة الذي يربط بين الطريق التجاري البري الذي يأتي من الشام والحجاز ومصر والمغرب العربي، وبين الطريق الملاحي البحري الذي يصل إلى الهند وشرق وجنوب آسيا وأفريقيا".
توضّح الفاخري أن "الموقع تعرّض لزلازل تاريخية تظهر من سقوط وتناثر الحجارة وهبوطها حول حاجز الأمواج والميناء، كما تعرّض الموقع لحريق خلال العصر الفاطمي ظهر واضحاً في الموقع حيث طبقات الرماد والحريق على أرضية الميناء الطينية وحجارة حاجز الأمواج".
وتختم بالقول: "يعدّ هذا المسح جزءاً من منشآت بحرية عديدة، لم يكشف النقاب عنها بعد، والمسوحات والحفريات المستقبلية للموقع يمكن أن تشكّل صورة عن النشاط التجاري لميناء أيلة، ودراسة جديدة لعمارة الموانئ الإسلامية في الأردن والمنطقة".
يُذكر أن لسوسن الفاخري عدداً من البحوث والدراسات؛ "أواخر العصر الحجري النحاسي في الأردن في ضوء الحفريات الجديدة"، و"أثر الوقف في ازدهار الحياة العلمية والثقافية في القدس"، و"تراجم مقدسية في كتاب "الضوء اللامع لأهل القرن التاسع/ العصر المملوكي".