ورغم أنه لم يعش طويلاً، لكن الشرقاوي الذي رحل في عمر الـ 33 عاماً ترك أثراً كبيراً في الفن المغربي الذي ظهر روّاده في فترة ما بعد الاستقلال، أي بعد عام 1956، والتي شهدت تياراً تشكيلياً ثائراً على اللوحة الغربية الخالصة التي كرستها الهيمنة الثقافية التي رافقت الاستعمار، ومن هذا التيار نعرف فريد بلكاهية والجيلالي الغرباوي والشعيبية طلال وآخرين.
ولد الشرقاوي في بلدة أبو جعد لعائلة يُعرف عنها التصوف منذ القرن السادس عشر، بينما كانت والدته تنحدر من أصول أمازيغية وقد رافقت طفولته بوشومها وحياكتها وغزلها للصوف بألوان ونقوش تراثية.
درس الشرقاوي فن الغرافيك في "كلية الفنون الجميلة" في باريس ما بين عامي 1956 و1959، وفي عام 1961 انتقل في خضم الأحداث السياسية التي تبعت موت ستالين إلى وارسو حيث أكمل دراسته هناك، إلى أن قفل عائداً إلى فرنسا بعد حصوله على منحة من "اليونسكو" لدراسة العلامات والرموز في الفن الأمازيغي وفنون الخط العربي الإسلامي، وفي تلك السنوات الأولى من الستينيات كان قد أقام معرضه الأول في محترف الفنان لوسيان تالايميه في باريس.
ابتكر الشرقاوي عدداً كبيراً من اللوحات التجريدية والرمزية التي خاطبت ووظفت مزيجاً من المرجعيات الفنية؛ الفن الأمازيغي والتراث التقليدي من التعاويذ وطلاسمها والفن الإسلامي والحروفيات العربية والعلامات والوشوم الشعبية، وصولاً إلى بول كلي وروجيه بيسيه وحتى السريالية.
في عام 1964 أقام الشرقاوي عدّة معارض، واحد في باريس وآخر في الرباط ثم طنجة والدار البيضاء، وكان قد لاقى اعترافاً من الوسط التشكيلي الفرنسي عام 1962 حيث حصل على برونزية "صالون أيار" الباريسي.
هذا المعرض ليس المرة الأولى التي تستعاد فيها أعمال الشرقاوي، فمنذ رحيله المبكر أقيمت له عدّة معارض استعادية في بينالي باريس، وبينالي نيودلهي عام 1968، وغيرهما، لكن معرض "متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر" يعرض أعمالاً لم تتح كثيراً للجمهور من قبل، من أبرزها لوحات من البدايات مروراً بتلك المنجزة بين عامي 1961 و1962 التي قام فيها بتوحيد الرموز، كما تعرض لوحات "أهازيج الأطلس"، "المسجد الأزرق"، "انقلاب الشمس" وغيرها.