مختلفة هي الأسباب التي أدت إلى ازدياد الاهتمام بـ الثقافة العربية في تركيا خلال الأعوام الثلاث الأخيرة، لا شك أن أبرزها تنامي عدد الجالية العربية القادمة من بلدان مجاورة، مثل سورية والعراق وإلى حد ما مصر، على إثر الاضطرابات السياسية فيها.
من جهة أخرى، تشير تقارير نشرت في الصحافة التركية إلى تزايد إقبال الطلبة الأتراك على دراسة اللغة العربية في الأعوام الخمسة الأخيرة، وتزايد السياحة العربية في إسطنبول بعد أن أصبحت السياحة في سورية ولبنان ومصر أيضاً خياراً أضعف للسائح العربي لأسباب ليست خافية.
وربما يمكن القول إن هذا الانفتاح الثقافي بين العالمين العربي والتركي قد تأخر فعلاً، حيث أن حضور الكتاب التركي المترجم ما زال متواضعاً في الثقافة العربية والعكس صحيح، رغم العوامل المختلفة المقرّبة التي تجمع الثقافتين.
حالياً، تشهد إسطنبول أيام الدورة الثالثة من مهرجان "الثقافة والكتاب العربي" التي تنتهي بعد غدٍ الأحد، 11 من الشهر الجاري، حيث شغلت إصدارات 59 دار نشر عربية وإسلامية وسط منطقة أوسكودار، التي تقع في الطرف الآسيوي من المدينة.
يحضر في المهرجان 22 بلداً، 12 من بينها عربية، والباقي من البلدان الإسلامية، ويعرض ثمانية آلاف عنوان بمشاركة 300 باحث وكاتب في حقول مختلفة بندوات ومحاضرات وتواقيع كتب.
هذه الأرقام، إذا ما قورنت بالسنوات السابقة، فإنها تشير إلى ارتفاع كبير في نسبة الحضور والمشاركة في المهرجان في دورتيه السابقتين بنسبة تقارب الضعف أو تزيد عنه في بعض الجوانب، ففي نسخة العام الماضي شارك مئة كاتب وباحث وعُرض خمسة آلاف عنوان.
ولعل مثل هذه التظاهرة التي تحضر فيها سورية والعراق ولبنان والأردن ومصر وقطر والجزائر وتونس والمغرب والسودان والكويت والسعودية، تكون واحدة من بين عدة معارض للكتاب العربي وملتقيات للمثقفين العرب التي انطلقت مؤخراً، والتي قد تؤدي إلى مزيد من حركة النقل والترجمة للكتاب العربي والتركي على حد سواء.
المهرجان الذي يقام بالتعاون بين "اتحاد كتّاب تركيا" و"المكتبة الهاشمية" و"جمعية خالدي معارف للعلوم والثقافة"، يجمع بين حضور قطر والسعودية رغم الأزمة السياسية الحالية؛ عن ذلك يقول رئيس تحرير المكتبة الهاشمية التركية إبراهيم أيديمر، في حديث سابق لوكالة الأنباء التركية "أناضول"، إنه و"على الرغم من الخلاف السياسي القائم بين الدولتين الشقيقتين، فإن ذلك لم يؤثر على التعاون الثقافي بين دور النشر العربية والمراكز الثقافية".
إسطنبول مدينة تعرف العديد من المعارض المخصصة للكتاب العربي، من بينها "باغجيلار"، الذي يسعى إلى تثقيف الأسر العربية المغتربة وتقديم الدعم الثقافي والتوعوي الذي يساعدهم في تجاوز حاجز اللغة وإيجاد فرص عمل.
كما أن هناك "مهرجان باشاك شهير للكتاب العربي" الذي شهدت دورته الأخيرة مشاركة 25 دار نشر عربية تعمل داخل تركيا، وذلك إلى جانب معرضي "الكتاب العربي"، و"إسطنبول الدولي للكتاب العربي" اللذين انطلقت دورتهما الأولى عام 2016.
لا يتعلق التفاعل الثقافي المتزايد بتظاهرات ومعارض متخصصة فقط بالكتاب العربي، فقد انطلق "معرض الكتاب الدولي" في اسطنبول في سبتمبر/أيلول الماضي أيضاً تحت عنوان "ملتقى الثقافة الإسلامية والأدب العربي".
يذكر أنه وفقاً للإحصائيات التركية فإن البلاد تستقبل حالياً أربعة ملايين لاجئ، معظمهم من العرب وفقاً للبيانات الرسمية.