يتتبع الرسام والنحات الفنزويلي فاوستو بورخي (1950) ديناميكات تطوّر المواد التي يستخدمها من قماش وورق ومعدن وخشب، محاكياً أنظمة عملها من ناحية فيزيائية وكيميائية، والتي من خلالها بدأ ممارسته للفن الذي درسه في الجامعة، حيث عمل حينها ميكانيكياً لسنوات عديدة.
في معرضه الجديد "مرحلة عمّان"، الذي يفتتح عند السابعة من مساء اليوم الأربعاء في "المتحف الوطني للفنون الجميلة" في العاصمة الأردنية، ويتواصل حتى الرابع عشر من الشهر الجاري، يواصل الفنان ما يسمّيه اشتغاله على مساحة ما "لا نراه في الأشياء".
يشير الفنان الأردني خالد خريس في كتيّب المعرض إلى أن "بورخي يجمع في أعماله بین الوحدة والتنوع؛ الوحدة في ھذا التوجه التجریدي المنبثق من الواقع والتأكید على المادة بصیرورتھا وتضاریسھا وتفاعلاتھا، والتنوّع في أعمال تنحو نحو التمظھر على شكل ما، وأخرى حرة لا شكلیة، وكلاھما ضمن تنویعات لونیة ذات طابع مونوكرومي واضح".
تستمد الأعمال منظورها الجمالي من عدد من العمليات الحيّة في الطبيعة، حيث دوران الماغما (السيلكون المنصهر) خلال تشكيلها قشرة الأرض، أو تراكم كتل متجانسة فوق سطوح صلدة كما يظهر في بعض منحوتاته، أو في تفكيك بعض المجسمات الصخرية إلى دقائقها في بحث جمالي لعميلتي التحلّل والتكوّن.
تمثّل تجربته الحالية امتداداً لمعرضه العمّاني الذي أقامه عام 2015 تحت عنوان "النظام والفوضى"، والذي اشتمل على منحوتات ولوحات تذكّر برسومات الكهوف، في محاولة لمقاربة التناظر والاختلاف بين النمط الهندسي الصارم من صنع الإنسان وبين الخطوط الفوضوية بدائية التشكّل.
يستخدم بورخي معادن متنوعة، منها رقائق الألمنيوم الناعمة التي تدلّ على الاستدامة والهشاشة في الوقت نفسه لخلق تجسيمات ثلاثية الأبعاد على خلفيات خشبية تعكس في تجاورها العلاقة بين الأرض والسماء، إضافة إلى استعمال الزنك والمعدن والجلد والنباتات في منحوتات أخرى بشكل عشوائي تدلّ على الحركة الدائمة لهذه العناصر في محيطها الأصلي.
يُذكر أن فاوستو بورخي ولد في كوستاريكا، وحاز الدرجة الجامعية الأولى من "جامعة الفنون" في نيويورك، ثم أكمل دراساته العليا في الآداب وعلم الاجتماع وعلم الجمال. نظّم عدّة معارض فردية وجماعية في فرنسا والولايات المتحدة وفنزويلا، إضافة إلى الأردن التي يقييم فيها خلال السنوات الأخيرة كسفير لبلاده.