انتعش القطاع الصناعي مرة أخرى أثناء الحرب العالمية الأولى وما بعدها نتيجة حاجة الأسواق العالمية لكثير من السلع، ما نبّه الاقتصادي المصري طلعت حرب (1867 – 1941) إلى ضرورة تطوير صناعة وطنية قادرة على التحرّر من الاستعمار والقوى الكبرى التي كانت تتصارع للسيطرة على مصر.
أخفقت بعض هذه المشاريع ونجح بعضها في بلد تطوّرت فيه الحرف وجرى تصنيفها وفق تخصّصات تتطلب تدريباً طويلاً ومكثفاً، وهي فكرة معرض "أسطوات الفاطمية" في الحي نفسه الذي احتضن هذه الصناعات منذ العصر الفاطمي، والذي انطلق في الثالث والعشرين من أيار/ مايو ويتواصل حتى بعد غدٍ السبت في "مقعد الأمير ماماي" في شارع المعز بالقاهرة، بتنظيم من وزارة الثقافة و"مركز تحديث الصناعة".
يضم المعرض منتجات تمثّل معظم الصناعات اليدوية الحرفية والتراثية التي ترسّخت في التاريخ المصري مثل الخيامية، والأرابيسك، والخزف، والزجاج المعشق، والحلى، والكليم، والنقش على النحاس، بمشاركة ثمانية وعشرين عارضاً، ضمن برنامج "مصر الإبداع" الذي يهدف إلى "حماية هذه المنتجات من الاندثار"، بحسب بيان المنظّمين.
تلفت موسوعة "الحرف التقليدية فى مصر" للسيد رشاد إلى أن "مشغولات النخيل تعدّ واحدة من أهم مكونات الذاكرة المصرية الحضارية، والعنوان الأبرز لهويتها"، حيث صنّعت الأطباق والسلال والكراسي والحصير والمصافي والمكانس والحقائب والصناديق والأسرّة والتحف والأحذية من جريد النخل وخوصه وليفه.
الإنتاج الزراعي المعتمد على النخيل والقمح والقطن وقصب السكر شكّل النواة الأولى للصناعة الحديثة، وقامت أولى المعامل عبر تحديث هذه محلّات الحرف الصغيرة وفق أسس عصرية، منذ منتصف القرن التاسع عشر حتى منتصف القرن العشرين، حين بدأت بالتراجع مع تغيّر أنماط الاستهلاك ودخول سلع أخرى محلها.
كما أن هذه الصناعات في إطار تسويقها كمنتج تراثي أو كتحف للزينة لم تستطع منافسة المنتجات الشبيهة التي تصنّعها بلدان أخرى، ورغم أن هذه المعارض ومنها "أسطوات الفاطمية" تهدف بشكل أساسي إلى حماية هذه الحرف وخلق أسواق جديدة لها، إلا أنها باتت مجرّد فعاليات تشير إلى الماضي الذي قد ينتهي أثره في حياتنا المعاصرة قريباً.