غيرة الناقد البحرواي التي عرف بها على الأدب العربي واللغة العربية وارتباطه الشديد بها يعود في جذوره إلى العائلة الأزهرية التي تنحدر منها والدته، والتي أرسلت ابنها إلى الكتاب ليحفظ أجزاء من القرآن، حيث تعلّق الفتى بالبقاء في المسجد وتعلّم الطرق الصوفية حتى أنه كان يلقي خطبة الجمعة في فترة المراهقة، ومع انتقاله إلى الجامعة اتجه إلى قراءة الكتب التاريخية والشروع في الكتابة ودراسة الأدب ليصبح بعد ذلك يسارياً.
اهتم البحراوي بدراسة أمل دنقل ويحيى الطاهر عبد الله ومحمد مستجاب وبهاء طاهر وغيرهم؛ عن ذلك يقول "ثمة فكرة مسيطرة علي، وهي أن الثقافة التي تنتج في القاهرة والإسكندرية كثير منها ضوضاء، في حين أن معظم مبدعي الأقاليم بصفة عامة وبصفة خاصة في الجنوب أكثر إخلاصاً واهتماماً بالكتابة والثقاقة".
ترك أستاذ الأدب العربى الحديث والنقد في جامعة القاهرة، عدة أعمال نقدية من أبرزها "في البحث عن لؤلؤة المستحيل" (1988) وهو كتاب عن صديقه أمل دنقل، و"البحث عن المنهج في النقد العربي الحديث" (1993)، و"محتوى الشكل في الرواية العربية" (1996)، و"الحداثة التابعة في الثقافة المصرية" (1999)، و"علم اجتماع الأدب" (2002)، و"الأنواع النثرية في الأدب العربي المعاصر" (2003)، و"في نظرية الأدب: محتوى الشكل مساهمة عربية" (2008)، و"الإيقاع في شعر السياب" (2011) وغيرها.
كما أصدر الراحل عدة أعمال روائية بعد وقت طويل من العمل النقدي، كما لو أنه كان يستكشف الأدب قبل أن يخوض في كتابته، فأصدر عام 2002 أول عمل سردي بعنوان "ليل مدريد"، أتبعها بـ "هضاب ووديان" (2006)، و"شجرة أمي" (2007)، و"في مديح الألم" (2016)، ومن المجموعات القصصية له "ثلاثية كامل" وصباح وشتاء" و"طرق متقاطعة".
كان البحراوي في عمله "هضاب ووديان" قد ضمن الكتاب ثلاث روايات قصيرة الأولى تحمل عنوان العمل، والثانية "رحلة الكروان"، والثالثة "مغامرة رشيد".
أعمال البحراوي الإبداعية استندت دائماً على أزمة الشخصية الأساسية مع الواقع الممتلئ بالحواجز والإكراهات، ثم المواجهة مع هذا الواقع والتي عادة ما تكون تدميرية وقاسية.
وكان البحراوي كتب لأصدقائه على فيسبوك عام 2014، بعد أن اكتشف المرض "لديّ سيرة ذاتيّة شبه مكتملة، ورواية بعنوان الساحرات، وجزء ثانٍ من رواية ليل مدريد، ونعد لإصدار وثيقة صوتية: شريط كاسيت أرسلْته أنا وأمينة رشيد (زوجة الراحل) من باريس سنة 1985، إلى أهلي في المنوفية، سيكون مفاجأةً على كل المستويات. وفي هذه الأيام أراجع مع صديقتي سارة الجزء الأول من كتاب الرحلات".
يذكر أن البحراوي عمل أستاذاً للأدب العربي في جامعة ليون الفرنسية، ونشر عدة أبحاث في مصر والجزائر وفرنسا، وصدر عنه كتاب وضعه مجموعة من الباحثين سنة 2010 بعنوان "النقد والإبداع والواقع.. نموذج سيد البحراوي" مع مقدمة كتبها محمد مشبال.