يتواصل حتى الثالث عشر من الشهر الجاري في "مركز كرمة بن هانئ" التابع لـ"متحف أحمد شوقي" في القاهرة معرض "الحروفية بين الأصالة والمعاصرة" الذي يضم أعمال سبعة فنانين، هم: حسين الجبالي، وعمر النجدي، ويسري المملوك، وسامح إسماعيل، وشيماء حسن، وإبراهيم خطاب، ومحمد المكاوي.
تنوّعت تجربة الراحل حسين الجبالي (1934 – 2014) بين الرسم والكاليوغرافيا والحفر، وإن كان الخط بكافة أنواعه هو عنصر أساسي لم يغادر أعماله، وهو المولود في حي إمبابة الشعبي حيث كانت أزياء الناس المزركشة وجلسات الذكر والزخارف المنقوشة على أبواب وجدران الجوامع هي التي أثّثت ذاكرته البصرية الأولى، قبل أن يتوّجه إلى دراسة الغرافيك وينال درجة الدكتوراه فيه.
زاوج الفنان بين اشتغاله على الحرف وبين دراسته الأكاديمية منذ الستينيات، حيث كان ينظر إليه كوحدة فنية واحدة يكوّنها اللون والضوء والزخرفة كما تطوّرت على امتداد التاريخ الإسلامي، وكان من ضمن فنانين عرب بدؤوا الاشتغال على الحرف في تلك المرحلة عبر التركيز على شكله دون الاهتمام مدلوله اللفظي من خلال أعماله التي نفّذها بتقنية الحفر الغائر على الزنك وطبعت بالألوان.
قدّم الجبالي مقاربات مختلفة في هذا السياق، فنجد في بعض لوحاته أنماطاً هندسية صارمة تعتمد على المربع كوحدة مركزية متصلة بعدّة مستطيلات، وتظهر في أخرى أسلوب أقرب إلى المنمنمات من خلال إبراز الخط ضمن مساحات صغيرة ملونة بالذهبي والفضي وتقترب في شكلها من حرفة تزيين الكتب والمخطوطات القديمة.
لا ينفصل الخط عند النجدي عن الحيّز المكاني المحيط به، حيث تتداخل فيها الحروف مع رموز وتكوينات وأمكنة ووجوه من جهة، وهناك وجوه مرسومة بكتابات قرآنية، وأخرى تجريدية تتعامل مع الحرف بوصفه وحدة جمالية مستقلة في تشكّلها وحركتها وإيقاعاتها، وأحياناً يصبح الحرف جزء من رموز تشكل أحد الأمكنة القديمة التي يرسمها.
أما يسري المملوك فظهرت أعماله الأولى ملتزمة بقواعد الخط العربي قبل أن يبحث في إمكانات تجديد عدد من أنواعه في أشكال غير تقليدية. وتناول سامح إسماعيل في لوحاته الخطوط الكلاسيكية باعتبارها التجريد لجسم الإنسان في حالة متعدّدة حيث هو محاكاة الخلق في الكلمة كما رآها الخطاطون الأوائل، ويزاوج محمد مكاوي بين العمارة التراثية والطبيعة وبين الحروفيات في تجربته.
يحمل إبراهيم خطاب، من جهته، رؤية مختلفة لحروفياته التي يتتبع فيها مفهوم الكتابات والرسائل ذات الرموز الخاصة التى تكتب على جدران المباني، وعلى جذوع الأشجار، وعلى الأسوار، بينما تركّز شيماء حسن على الزخرفة والنقوش المستمدة من التراث المصرية وتجاوزها مع الخط العربي.