ينتمي الفنّان التشكيلي الجزائري عبد القادر هوامل (1936 – 2018)، الذي رحل منذ أيام في إيطاليا، إلى جيل من الفنّانين الذين بدؤوا تقديم تجاربهم في نهايات حقبة الاستعمار الفرنسي، ومنهم محمد إيسياخيم وحمدي عبدون وإبراهيم مردوخ ومحمد خدّة وشكري مسلي.
تعدّدت اتجاهات فنّاني هذا الجيل الذين ركّزت معظم أعمالهم على استحضار التراث وإبراز مكوّناته بتنوعاتها، ومحاولة ربط معاني الثورة التي التحقوا بصفوفها واستخلاصاتها بحركات التحرّر العربية لا سيما في فلسطين، في مرحلة بدأت حكومة الاستقلال بابتعاثهم إلى الخارج لإكمال دراساتهم في الفن.
من بين هؤلاء، كان هوامل الذي وُلد في مدينة نقاوس، في محافظة باتنة شرق الجزائر، ثمّ تلقّى تعليمه في "أكاديمية الفنون" في روما ونال منها شهادة الماجستير. وهناك، أقام أولى معارضه في "سان فيتو رومانو"؛ حيث حصل على الجائزة الأولى، وتمّ تعيينه بعد ذلك في "أكاديمية تبريانا" في العاصمة الإيطالية، والتي أقام فيها حتى رحيله.
استندت لوحته بشكل أساسي إلى تجسيد الهوية الوطنية التي سعى المستعمر إلى تشويهها، فذهب إلى تصوير الصحراء الجزائرية، في تركيز على ملامح المراة وحضورها في المجتمع وأزيائها وحليّها التقليدية، والعناصر الأخرى التي تبرز ثقافة المنطقة في عاداتها وتقاليدها ومعمارها وآلاتها الموسيقية.
"حدائق الفردوس" كان عنوان آخر معارضه الذي أقيم في مدينة نابولي وضمّ مختارات من جميع مراحل تجربته، وفيها يبحث عن جذور الفن الإسلامي الذي يحمل روحانيته الخاصة التي تقوم على مفهوم التسامي، وتحضر فيه أيضاً تأثيرات من الهندسة الرياضية والفلسفة اليونانية بامتزاجها بالثقافة العربية.
في عدد من لوحاته، تتكرّر الفراشة التي يعكس ظهورها واختفاءها رمزية تتّصل بصورة الجنة/ الفردوس بوصفها المكان الأبدي، وتظهر كذلك شجرة الحياة/ شجرة المعرفة التي تشير أيضاً إلى المقدّس الذي يوحّد الأرض مع السماء فلا تفصل بينهما حواجز أو حدود في اتصال بين جميع عناصر الطبيعة التي تسير في نسق واحد وحالات متبدّلة.
الدوائر التي تتكوّن من عدّة حلقات لازمة أخرى لا تفارق هوامل، كواحدة من العلامات التي تحيل إلى باطن وجوهر الوجود اللامكاني واللازماني، ضمن رؤية صوفية يستخدم فيها الألوان المائية التي تعطي مساحة من التأمّل الذاتي في هذه العوالم.
قدّم الفنّان العديد من البورتريهات لنساء من الصحراء الجزائرية، ومن أشهرها "عرس بدوي" (1968)، التي تظهر فيها عروس من منطقة الأوراس بكامل زينتها.