على صفحته في مواقع التواصل الاجتماعي يبث "معهد المخطوطات العربية" في القاهرة محاضرات حول موضوع الدورة الثامنة من "يوم المخطوط العربي" التي كان من المفترض أن تنعقد في الأول من الشهر الجاري تحت شعار "هل يتكلم العلم بالعربية مرة أخرى؟" وقد اختير الاسطرلاب رمزاً للتظاهرة للتمييز بين العلوم التطبيقية وبين العلوم الإنسانية والاجتماعية وفقاًُ لبيان المعهد.
مثل غيره من الفعاليات يتأجلت التظاهرة، ولكن الموضوع يظل مطروحاً للمشاركات عبر الإنترنت، حيث يعتبر موضوع العربية وعلاقتها بالعلوم عموماً ملحاً في هذه اللحظة ربما أكثر من أي وقت مضى.
استدعاء التراث العلمي المكتوب بالعربية هو بلا شك جزء لا يتجزأ من مشروع "يوم المخطوط العربي"، لكن هذا يقع بحسب المعهد ضمن ضرورات التفكير في الراهن ومحاولة الاستشراف أيضاً، إلى جانب توظيف التراث العربي العلمي من جديد.
لا تخلو أرفف الكتب التراثية والمخطوطات العربية التي تناولت العلوم من أعمال في الطب والهندسة والرياضيات والفلك وهي ما زالت صالحة لقراءات جديدة تفيد منها على مختلف المستويات: المنهج، والعلم ذاته، والقيم الحاكمة.
أمس بث المعهد محاضرة لأستاذ الفيزياء في جامعة القاهرة أحمد فؤاد، وهو عضو في مجمع اللغة العربية المصري، وتناول في محاضرته علم الفيزياء في التراث العربي، وتطرّق إلى الازدهار الذي عرفه هذا العلم في الحضارة الإسلامية.
يرى فؤاد أن اللغة العلمية كانت في أفضل مراحلها بين القرن السادس والعاشر ميلادي وقد حضرت إشارات عن ذلك في المدونة العلية الحديثة وضرب مثالاً قانون نيوتن الأول الذي ذكره من قبل نيوتن ابن سينا في كتابه "الإشارات والتنبيهات". أما الرازي فقد ذكر في كتابه "المباحث المشرقية للإلهيات والطبيعيات" ما يعرف اليوم بقانون نيوتن الثالث.
أما مفهوم الجاذبية الأرضية فقد صوره أبو الحسن الهمداني في كتابه "الجوهرتين العتيقتين"، وهو كتاب جرت ترجمته إلى لغات أوروبية وجرى تداوله بوصفه اكتشاف نيوتن.
يعتبر فؤاد أنه إذا كان العلم قد تكلم في عصر الحضارة العربية المزدهرة بلغة عالمية ترجمت ونقل عنها، فإن بإمكانه أن يعود في عصرنا إلى التكلم بالعربية ثقافة وتعليماً وبحثاً إذا ما توفرت له الإمكانيات الأكاديمية والبحث والتفتت إليه المؤسسات المتخصصة.
من جهة أخرى، كان المعهد قد أطلق مؤخراً منصة للكتب الصوتية، صدر منها كتابين الأول هو "المعرفة اللغوية في نظرية طاشكبري زاده التصنيفية... التداخل والتكامل"، للباحث فيصل الحفيان والثاني كتاب "عرش الرحمن" المترجم للباحث جمال إلياس.
يذكر أن "معهد المخطوطات العربية" ونظراً لظروف الحجر الصحي قد أتاح الإعارة الإلكترونية والتصوير الرقمي للوثائق ومختلف محتويات أرشيف، إلى جانب ما يتوفر من سلاسل رقمية يمكن تصفحها على موقعه من قبل أزمة كورونا.