تعيش مجموعة أوبك+ ارتباكاً جديداً، مع مواجهة أبوظبي اتفاق السعودية وروسيا بالرفض. والاجتماعات التي كان من المقرر أن تنتهي يوم الخميس تأجلت إلى اليوم الإثنين. صراع الحلفاء يتصاعد والمخاوف بدأت تتزايد ليس على سعر النفط خلال الفترة المقبلة فحسب، وإنما أيضاً على مستقبل صناعة الطاقة، وسط شد الحبال المتواصل بين المنتجين. فما الذي حصل في الأيام الماضية؟ وإلى أين من الممكن أن تقود الخلافات القائمة؟
نمو الطلب من العالم المتقدم، الذي ظل راكداً لسنوات، يمر بحالة من عدم اليقين لأنه يخرج بقوة من عمليات الإغلاق الطويلة للأسواق. في غضون ذلك، لا يزال العالم النامي، مصدر كل الطلب الجديد على النفط تقريباً في السنوات الماضية، يتلاشى، وفقاً لتقرير "وول ستريت جورنال".
وذكرت الصحيفة أن منظمة أوبك وحلفاءها بقيادة روسيا قبل أسبوع كانوا يميلون إلى زيادة الإنتاج بمقدار نصف مليون برميل يومياً، مع المزيد من الإضافات المحتملة في وقت لاحق من العام.
ومع بدء المداولات الرسمية، وافقت السعودية، الزعيم الفعلي لأوبك، وروسيا، أكبر المنتجين من خارج المنظمة النفطية، على تبني اقتراح يتضمن زيادة بنحو نصف مليون برميل يوميًا بدءاً من أغسطس/آب، ثم زيادة إنتاج أوبك+ تدريجياً بما مجموعه مليونا برميل حتى ديسمبر/كانون الأول.
إلا أن الإمارات عرقلت يوم الخميس الماضي اتفاق أوبك+ الذي أبرمته روسيا والسعودية من أجل زيادة الإنتاج، مطالبة بشروط أفضل لنفسها من حيث زيادة حصتها الإنتاجية. بعد يومين من المحادثات المريرة، بقيت الإمارات الدولة الوحيدة الرافضة للاتفاق، وبالتالي أوقفت المفاوضات حتى يوم الإثنين، وسط ارتباك الأسواق.
تجبر أبوظبي حلفاءها على اتخاذ موقف صعب، وفق وكالة "بلومبيرغ" الأميركية: قبول مطالبها، أو المخاطرة بتفكيك تحالف أوبك+. وقد يؤدي الفشل في التوصل لاتفاق إلى الضغط على سوق ضيقة بالفعل، مما قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط الخام.
لكن هناك سيناريو أكثر دراماتيكية يلعب دوره أيضاً، فقد تنهار وحدة أوبك+ بالكامل، مما قد يؤدي إلى انهيار الأسعار في تكرار للأزمة التي حصلت في العام الماضي بعد الحرب النفطية الروسية ــ السعودية. كما هو الحال في جميع المفاوضات، قد يكون هناك عنصر خِداع، وفق "بلومبيرغ". في أواخر العام الماضي، طرحت أبوظبي فكرة مغادرة أوبك.
في حين أن الإمارات لم تكرر التهديد هذه المرة، فلا أحد، حتى من الذين في قلب المحادثات، متأكد مما يمكن أن يحدث إذا فشلت المفاوضات يوم الإثنين، لكنه من شبه المؤكد أن يؤدي ذلك إلى بدء حرب أسعار، وفي هذا السيناريو يخسر الجميع. الخداع، وفق الوكالة الأميركية، "هو إظهار أن بلدك مستعد لتحمل الألم بشكل أفضل من الآخرين"، إذ تريد الإمارات ضخ المزيد من النفط بعد إنفاق المليارات لزيادة الطاقة الإنتاجية.
وسط هذا النزاع، هناك كلمة أساسية في اتفاقيات أوبك+: خطوط الأساس. يقيس كل بلد تخفيضات الإنتاج أو الزيادات مقابل خط الأساس. وكلما زاد هذا الرقم، زاد عدد البلدان المسموح لها بالضخ. تقول الإمارات إن مستواها الحالي، المحدد عند حوالي 3.2 ملايين برميل يومياً في إبريل/ نيسان 2020، منخفض جداً، وتقول إنه يجب أن يكون 3.8 ملايين.
وقال بن كاهيل، الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: "كانت هذه معركة حتمية. الاختلافات حقيقية والإمارات ستستمر في إحداث ضجة حتى تحقق خط أساس أعلى". عملياً، تنتهي اتفاقية إنتاج أوبك+ الحالية في إبريل 2022، عندما تكون كل دولة قادرة على إعادة التفاوض بشأن خط الأساس الخاص بها.
لكن الآن، تريد السعودية وروسيا، بدعم من الجميع في أوبك+، تمديد الاتفاقية حتى نهاية العام المقبل. رفضت الإمارات فكرة تمديد الاتفاق ما لم يتم تغيير خط الأساس الخاص بها، مما أدى فعلياً إلى قتل الاقتراح الذي تفاوضت عليه موسكو والرياض قبل اجتماع الخميس الماضي.
وقالت هيليما كروفت، رئيسة استراتيجية السلع العالمية في آر بي سي كابيتال ماركتس، في مذكرة نشرها موقع "ماركتس ووتش" المتخصص، إن الخلاف جوهري وعميق الجذور بين الإمارات والسعودية. ولاحظت أيضًا أن إطلاق خام مربان للنفط الخام في الإمارات أدى إلى تساؤلات حول التزام الدولة بالبقاء في أوبك+ وتعطيل طاقتها الفائضة.
وغالباً ما تصدر البلدان تصريحات غريبة عن كمية النفط التي يمكنها إنتاجها، للحصول على صفقة أفضل. قليلون يأخذون هذه التصريحات على محمل الجد. لكن الإمارات أثبتت العام الماضي أن لديها براميل إضافية وفقاً لتحليل "بلومبيرغ".
خلال حرب الأسعار، ضخت أبوظبي 3.84 ملايين برميل يومياً، وفقاً لتقديرات أوبك، وبالتالي يمكنها أن تثبت أنها تمتلك البراميل الإضافية، وهذا يقوي موقفها في المفاوضات. في الواقع، سوف يفيد اقتراح الإمارات، السعودية، التي يمكن أن تؤمن لنفسها أيضاً خط أساس أعلى، لكن الرياض رفضت ذلك، فيما ستكون روسيا الخاسر الأكبر، حيث ستشهد هدفا أقل بكثير للإنتاج. والسعودية بحاجة إلى روسيا إلى جانبها.
وامتنع متحدث باسم الحكومة الروسية عن التعليق عندما سئل عما إذا كان المأزق الحالي يمكن أن يؤدي إلى أزمة مماثلة لتلك التي شهدها العالم في مارس/آذار 2020. حينها أدى خلاف بين موسكو والرياض إلى تدهور سعر الخام الأميركي إلى ما دون الصفر للمرة الأولى في التاريخ.