"الفالنتاين" ينقذ تجارة الزهور ... مئات الآلاف في كولومبيا وهولندا وكينيا ينجون من الإفلاس
ارتسمت البسمة من جديد على وجوه مئات آلاف مزارعي الزهور في العديد من الدول التي اشتهرت بتصدير الورود عالمياً، بعد أن أنعشت الاحتفالات بعيد الحب "الفالنتاين" تجارة الزهور التي واجهت أوقاتا عصيبة العام الماضي بعد أن تسببت جائحة فيروس كورونا في إغلاقات عالمية وفرض قيود على الاحتفال بمختلف المناسبات للحد من تفشي الوباء، ما كبد المزارعين والمصدرين خسائر بعشرات مليارات الدولارات بسبب إتلاف ملايين الورود التي انحبس رحيقها.
ففي كولومبيا ثاني أكبر دولة منتجة للزهور على مستوى العالم بعد هولندا، نجت تجارتها من السقوط إلى الهاوية هذا العام، بسبب الطلب القوي من المستهلكين الأميركيين قبل عيد الحب الذي يوافق الرابع عشر من فبراير/ شباط من كل عام.
فقد بدأت الصادرات في الانتعاش منذ سبتمبر/ أيلول 2020 مع تخفيف قيود كورونا في العديد من الدول على رأسها الولايات المتحدة أكبر مستورد للزهور، بينما تعرضت الصناعة لضربة قاصمة مع إغلاق الأسواق الضخمة مثل نيويورك وكاليفورنيا قبيل منتصف العام الماضي، في حين كان منتجو الزهور في كولومبيا يستعدون لعيد الأم في مايو/ أيار، لكن الإغلاقات أجبرتهم على تدمير آلاف الأطنان من الورود.
ولم تقتصر الأزمة على ضياع موسم التصدير في عيد الأم، بل كان هناك المزيد من الأخبار السيئة، فعندما حل الصيف بدأ الأزواج الأميركيون في إلغاء حفلات زفافهم، وحتى مبيعات الجنازة لم تكن جيدة، بسبب القيود المفروضة على التجمعات، ما جعل القطاع مهيأ للإفلاس وفقدان مئات آلاف الوظائف.
لكن مع استمرار الوباء، اعتاد الناس في الولايات المتحدة على إرسال الزهور لبعضهم البعض عندما لا يتمكنون من الالتقاء وجهاً لوجه، واشتروا أيضاً المزيد من الأزهار لإضفاء الإشراق على منازلهم، كما قالت كيت بن، الرئيسة التنفيذية لجمعية باعة الزهور الأميركيين في مقابلة عبر الهاتف مع وكالة بلومبيرغ الأميركية.
ونظراً لأنهم لم يتمكنوا من إنفاق أموالهم بسهولة على الإجازات أو المطاعم أو الحفلات الموسيقية، وجدت بعض الأسر نفسها أمام دخل متاح أكثر من المعتاد للإنفاق على الزهور، وفق بن.
كما قال أوغستو سولانو من جمعية مزارعي الزهور الكولومبية "الصادرات ترتفع الآن بشكل جيد، وهناك طلب جيد في عيد الحب".
واستحوذت الزهور على نحو 1.4 مليار دولار من صادرات كولومبيا التي بلغت 31 مليار دولار العام الماضي، لتحل بعد صادرات النفط والفحم والبن والذهب، فيما تذهب حوالي 80% من هذه الصادرات إلى الولايات المتحدة. وتهيمن كولومبيا على سوق أزهار الزنبق والأقحوان، وفق تقرير بلومبيرغ أمس الأحد.
ولحسن الحظ، تزامن عيد الحب في 2020 قبل عمليات الإغلاق الجماعية للدول، وكانت صادرات الزهور الكولومبية في فبراير/ شباط من العام الماضي هي الأقوى على الإطلاق لهذا الشهر. وقالت كارمن برافو، التي تعمل في زراعة الزهور إن الأموال التي جنتها خلال تلك المناسبة سمحت لها بالتغلب على الأزمة اللاحقة.
وكما أن تجارتها مربحة كثيراً، حيث قدرت تقارير متخصصة حجمها بنحو 100 مليار دولار سنوياً، تُعد زراعة الزهور مكلفة. ووفق برافو، "بين 20 مارس/ آذار و20 إبريل/ نيسان الماضيين، اضطررنا لرمي نحو 220 ألف زهرة".
ولفتت إلى أن الإغلاقات التي حجبت الصادرات عن مناسبة عيد الأم في مايو/ أيار تسببت في حبس شحنات الزهور التي عادة يجري إرسالها قبل ثلاثة أو أربعة أسابيع، بينما كان ذلك الوقت ذروة الإنتاج ولم يكن هناك سوق له.
ومع انتشار وباء كوفيد-19 ودخول العالم في حالة إغلاق في مارس/آذار 2020، أغلق بائعو الزهور أبوابهم، في حين أعطى المتسوقون أولوية الشراء للمواد الغذائية والمستلزمات الطبية.
ولم تكن كولومبيا وحدها التي تعرض مزارعو الزهور فيها إلى ضربة قاسية العام الماضي، وإنما أصيبت سوق الزهور المقطوفة في دول الاتحاد الأوروبي أيضا بخسارة كبيرة، لا سيما في هولندا التي تأتي في المرتبة الأولى عالميا، حيث يمثل قطاع الأزهار لديها نحو 5% من ناتجها المحلي.
وتُعد هولندا من أكبر أسواق الورود في العالم، والمركز اللوجستي لها في أوروبا، وتتراوح قيمة صادرات القطاع بين 6 و7 مليارات يورو سنوياً. بينما اضطرت شركات بيع الورود هناك، إلى إتلاف 400 مليون وردة في أعقاب ظهور جائحة كورونا، منها 140 مليون زهرة من الخزامى الهولندية الشهيرة.
ووفق بيانات صادرة عن مكتب الإحصاءات الهولندي في يونيو/حزيران الماضي، فإن صادرات الزهور المقطوفة تراجعت بنسبة 35% في إبريل/نيسان مقارنة بالشهر نفسه من العام 2019، كما تراجعت صادرات بصيلات الزهور بنسبة 18%.
وثلث تجارة الزهور في العالم يمر عبر هولندا، من بينها 20% تنقل بالطائرات من أفريقيا إلى الدولة ليعاد تصديرها إلى دول أخرى في الاتحاد الأوروبي.
لذا كانت الضربة قاسية بالنسبة لمزارعي الزهور في أفريقيا خلال الإغلاقات، لدرجة أن مؤسسة التجارة العادلة ومقرها هولندا وصفت في تقرير لها منتصف العام الماضي الوضع في كينيا بأنه "أزمة إنسانية".
وتأتي كينيا وإثيوبيا والإكوادور وماليزيا في الترتيب بعد هولندا وكولومبيا في تصدير الزهور عالميا. وتعد كينيا هي المصدر الذي يوفر ثلث مجموع الورود التي تباع في دول الاتحاد الأوروبي، ويبلغ عدد العاملين في مزارع الأزهار في كينيا نحو 100 ألف شخص، يتقاضون عادة أجورا منخفضة، وبالتالي لا يستطيعون تحمل الخسائر المفاجئة.
ومنذ أن تم تخفيف قيود الإغلاق، بدأت المبيعات الاستهلاكية في الانتعاش. وحسب تقرير حديث صادر عن مجلس الزهور في كينيا، فقد عادت المبيعات إلى حوالي 70% مما كانت عليه قبل جائحة كورونا، وذلك بمساعدة من الحكومة الكينية. في المقابل تتصدر قائمة مستوردي الأزهار، الولايات المتحدة وألمانيا والمملكة المتحدة وروسيا.