تتزايد الشكاوى في العراق من ظاهرة الموظفين الوهميين أو مَن يُعرفون محليا بـ"الفضائيين"، والتي تستنزف موازنة الدوائر الحكومية، بالتزامن مع مطالب تقدم بها مسؤولون حكوميون لإنهاء هذه المشكلة.
وفيما أقدمت وزارة التخطيط على اتخاذ إجراءات للتخلص منهم، عدّ مسؤولون تلك الإجراءات "خجولة" ولا تتناسب مع حجم الأزمة. وتبلغ موازنة الرواتب نحو 5 مليارات و500 مليون دولار شهريا، تدفع لنحو 10 ملايين عراقي، موزعين بين 6 ملايين موظف، والمتقاعدين والمستفيدين من شبكة الرعاية الاجتماعية.
وبرز مصطلح "الفضائيين" في مؤسسات الدولة العراقية بعد عام 2014، وهم الأشخاص الذين يقدمون كامل رواتبهم أو نصفها إلى مسؤوليهم مقابل تغيّبهم عن العمل لفترات طويلة، أو أسماء وهمية يقبض المسؤولون رواتبها، أو متوفون ولم يتم استخراج شهادات وفاة لهم وما زال مسؤولون أو أفراد من أسرهم يتقاضون الرواتب بدلاً منهم.
وأكدت وزارة التخطيط سعيها للتخلص من الموظفين الوهميين في المؤسسات الحكومية، لافتة إلى أنها شكلت لجنة تنفيذية برئاسة رئيس الجهاز المركزي للإحصاء، وإشراف مباشر من قبل وزير التخطيط، لإعداد قاعدة بيانات للموظفين.
ووفقا للمتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، فإن "الوزارة أدخلت حتى الآن أكثر من مليونين و500 ألف رقم وظيفي لقاعدة البيانات، كما تم تشكيل فرق جوالة لزيارة المؤسسات ودوائر الدولة التابعة للوزارات والمحافظات، لغرض إكمال قاعدة البيانات المذكورة قبل نهاية العام الجاري". وأوضح في تصريح متلفز، أن "قاعدة بيانات الموظفين ستعطي تفاصيل عن الجسد الوظيفي وتكشف العدد الحقيقي للموظفين وعدد الوهميين منهم".
وقال مصدر في هيئة النزاهة، وهي هيئة مستقلة مسؤولة عن متابعة الفساد لـ"العربي الجديد"، إنه "لا توجد إحصائية واضحة بأعداد الموظفين الوهميين، لكننا نعلم أنهم بعشرات الآلاف في المؤسسات الحكومية، وتكاد لا توجد دائرة تخلو منهم، ونتلقى شكاوى مستمرة من مسؤولين بالوزارات يشكون من هذا الملف".
ووفق المصدر، فإن "هذا الملف هو تركة الحكومات السابقة وأحزابها المتنفذة، والتي كانت تعمل على تعيين موظفين بالآلاف، وتدرج أسماء وهمية أيضا، للحصول على مرتبات لوظائف وهمية".
وأكد أن "خطوات وزارة التخطيط ضعيفة جدا، بل لا تعدو كونها مجرد حديث عن تشكيل لجنة من دون تنفيذ"، لافتاً إلى أن "هذا الملف يحتاج إلى موقف حاسم من قبل الحكومة والبرلمان وتشكيل لجنة على مستوى عال بالتعاون مع هيئة النزاهة للتحرك وفتح هذا الملف".
واعتبر أنه "لا توجد للأسف أي جدية حكومية وبرلمانية لمتابعة الملف، لا سيما أن الحكومة مقبلة على الانتخابات، وأن القوى الحزبية التي تسببت بوجود هذا الملف، هي ذاتها من القوى الكبيرة بالبرلمان، ولها نفوذ في العملية السياسية، ما يجعل التخلص من هذا الملف أمراً صعباً للغاية".
النائب عن التحالف "الكردستاني"، غالب محمد، أكد وجود آلاف الأسماء الفضائية، مبينا في تصريح صحافي، أن "هناك تغطية على تلك الأسماء من الأحزاب الحاكمة لأسباب انتخابية".