قفزت العقود الآجلة للقمح في مجلس شيكاغو للتجارة، أمس الثلاثاء، بنسبة 8.5% إلى 7.57 دولارات للبوشل (27 كيلوغراماً)، لتسجل أعلى مستوى لها منذ فبراير/ شباط الماضي، فيما تنتقل عدوى الأسعار إلى سلع حيوية اخرى، إذ من المتوقع حدوث قفزة قريبة في أسعار الأرز.
كذلك، ارتفعت عقود الذرة الآجلة 4.7% إلى 5.52 دولارات للبوشل، وهو أعلى مستوى أيضاً منذ فبراير، وذلك بعد استهداف طائرة مسيّرة ميناءً أوكرانياً يحوي مخزونات حبوب على نهر الدانوب.
ويشعر التجار بالقلق من تقلص الإمدادات بعد انهيار اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، إثر انسحاب روسيا منه الأسبوع الماضي، وشنها سلسلة هجمات على البنية التحتية للموانئ الأوكرانية.
والاثنين، قال الجيش الأوكراني إن طائرات مسيرة تابعة لموسكو، هاجمت البنية التحتية للموانئ في أوكرانيا خلال الليل، مستهدفة مخزونات الحبوب في البلاد وتمت إصابة صومعة حبوب في ميناء ريني على نهر الدانوب، فيما لم يصدر أي تعقيب عن الجانب الروسي. و"ريني" واحد من أكبر الموانئ النهرية للحبوب في أوكرانيا ويقع على نهر الدانوب على الحدود مع رومانيا.
وقال مايكل ماغدوفيتز، كبير محللي السلع في مجموعة "رابوبانك" لوكالة بلومبيرغ الأميركية إن "الضربة الحربية على نهر الدانوب لها تأثير ضخم"، ومن المرجح أن يتأثر القمح أكثر بأي توقف في الطاقة التصديرية، يليه الذرة.
وأضاف ماغدوفيتز أنه ربما لا يزال من الممكن نقل الزيوت النباتية بالشاحنات والقطارات، لكنها أقل فاعلية من حيث التكلفة بالنسبة إلى الحبوب التي تُصدَّر بهذه الطريقة.
واجتمع وزراء الزراعة في الاتحاد الأوروبي، أمس، لمناقشة سبل نقل الحاصلات الزراعية من أوكرانيا، وحماية الأسعار للمزارعين في البلدان المجاورة للدولة في الوقت نفسه.
وحذر وزير الزراعة الألماني، جيم أوزدمير، وفق ما نقلت وكالة أسوشييتد برس، من أن الوزراء يجب أن يسعوا لموازنة هاتين القضيتين من دون المساس بدعم الاتحاد الاوروبي لأوكرانيا في دفاعها ضد الغزو الروسي. وقال: "إذا ظهرت انشقاقات في وحدة الاتحاد الاوروبي فإن الوحيد الذي سيكون سعيداً هو فلاديمير بوتين".
التقى الوزراء في بروكسل للمرة الأولى منذ انسحاب روسيا من الاتفاق الذي سمح بتدفق الحبوب من أوكرانيا إلى دول في أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا، حيث يمثل الجوع تهديداً متزايداً، ودفع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بمزيد من الناس إلى أتون الفقر.
وفر الاتفاق ضمانات بعدم تعرض السفن للهجوم عند دخولها ومغادرتها الموانئ الأوكرانية، في الوقت الذي سهل فيه اتفاق منفصل حركة الأغذية والأسمدة الروسية.
واقترح وزير الزراعة الليتواني، كيستوتيس فافيتشيكاس، أمس، إمكانية تصدير الحبوب من الحدود الأوكرانية - البولندية إلى الموانئ الليتوانية كأحد سبل منع الحبوب من التوقف في بولندا والتسبب في تخمة المعروض التي تؤدي إلى انخفاض الأسعار لغير صالح المزارعين المحليين.
في المقابل، قال سيرغي فيرشينين نائب وزير الخارجية الروسي في تصريحات، أمس، على هامش مشاركته في "مؤتمر الأمم المتحدة للنظم الغذائية" المنعقد بالعاصمة الإيطالية روما بين 24 ـ 26 يوليو/ تموز الجاري، إن تجديد اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود "لن يتم بمعزل عن موسكو"، مضيفا حسب ما ذكرت وكالة أنباء "تاس" الروسية، أنه "لا مفاوضات جارية بشأن استئناف صفقة الحبوب".
واشتكت روسيا من أن القيود والعقوبات المفروضة عليها على خلفية غزوها أوكرانيا أعاقت صادراتها من المواد الغذائية والأسمدة، وهي منتجات تعتبرها موسكو مهمة أيضا لسلسلة الغذاء العالمية.
ووقعت اتفاقية تصدر الحبوب في إسطنبول في يوليو/ تموز 2022، بين روسيا وأوكرانيا بوساطة تركيا والأمم المتحدة، للمساعدة في معالجة أزمة الغذاء العالمية التي تفاقمت منذ بدء الحرب الروسية في فبراير/ شباط 2022، ومُددت الاتفاقية 3 مرات.
وتعد روسيا وأوكرانيا الموردين الرئيسيين للقمح والشعير وزيت عباد الشمس وغيرها من المنتجات الغذائية ذات الأسعار المعقولة التي تعتمد عليها الدول النامية.
ووسط حرب الحبوب الدائرة بين موسكو وكييف، تنتقل عدوى الأسعار إلى سلع حيوية اخرى، إذ من المتوقع حدوث قفزة قريبة في أسعار الأرز بعدما حظرت الهند، أكبر دولة مصدّرة له، كمية كبيرة من الشحنات، مما فاقم الضغوط على أسواق الغذاء العالمية، التي تضررت بالفعل بسبب سوء الأحوال الجوية والصراع المتفاقم في أوكرانيا.
وقال الرئيس الفخري لجمعية مصدّري الأرز التايلاندي، تشوكيات أوفاسونغسي، وهي أحد أكبر مصادر شحن الحبوب في العالم لـ"بلومبيرغ": "سيرتفع سعر الأرز بالتأكيد على المدى القصير، لكن لا أحد يعلم إلى أي مدى سيرتفع... ستكون قفزة الأسعار كبيرة وسريعة وغير تدريجية".
يُعتبر الأرز مكوّناً أساسياً للوجبات الغذائية لمليارات الأشخاص في آسيا وأفريقيا، وسيؤجّج ارتفاع أسعاره الضغوط التضخمية، وزيادة تكاليف استيراده لدى المشترين. تهدف القيود التي تفرضها الهند، وتنطبق على شحنات الأرز الأبيض غير البسمتي، إلى ضبط الأسعار المحلية داخل الدولة، وسط تصاعد المخاوف من تأثر المحصول بارتفاع درجات الحرارة.