في أكبر زيادة منذ 1982، سجل التضخم في الولايات المتحدة، في نوفمبر/ تشرين الثاني المنصرم، تسارعا بالمقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي، فيما اصطدم طلب المستهلكين الكبير بمشكلات الإمداد الناجمة عن وباء كوفيد-19.
وبلغت زيادة الأسعار 6.8% الشهر الماضي على مدى سنة، بعد تسجيل زيادة قدرها 6.2% في تشرين الأول/أكتوبر، بحسب مؤشر أسعار المستهلك الذي نشرته وزارة العمل الجمعة، علما أن هذه الأرقام مطابقة لتوقعات المحللين.
ونشر البيت الأبيض، الجمعة، بيانات التضخم التي قد تكشف عن ارتفاع جديد تاريخي للأسعار، غير أن الرئيس جو بايدن عمد مسبقا إلى التقليل من أبعاد هذه الأرقام، مشيرا إلى أنها لا تأخذ بالاعتبار آخر التطورات الاقتصادية.
وكان المحللون قد توقعوا زيادة جديدة بمقدار 6.8% بالمقارنة مع الشهر ذاته من العام الماضي، بعد تسجيل 6.2% في تشرين الأول/أكتوبر، لترتفع الأسعار في تشرين الثاني/نوفمبر بأسرع وتيرة منذ نحو 40 عاما.
وإذ حذر الرئيس جو بايدن منذ الخميس من أن الأسعار في تشرين الثاني/نوفمبر كانت "مرتفعة مرة جديدة"، حرص على التوضيح أن بيانات التقرير تخطتها التطورات المستجدة ولم تعد تعكس "الواقع اليوم".
كما لفت إلى أنها "لا تعكس تراجع الأسعار المرتقب في الأسابيع والأشهر المقبلة، مثل الأسعار في سوق السيارات"، خارجا عن تقليد متبع يقضي بأن يمتنع الرئيس عن التعليق على تقرير اقتصادي قبل نشره رسميا.
وبعدما أكدت إدارة بايدن أن التضخم "مؤقت"، وهو على ارتباط بالانتعاش الاقتصادي المسجل إثر الانكماش التاريخي عام 2020 نتيجة وباء كوفيد-19، عادت وأقرت في نهاية المطاف، ومعها الاحتياطي الفدرالي، بأن التضخم سيدوم أكثر مما كان متوقعا، وبات يطاول مجموعة واسعة من المنتجات.
وترى المعارضة الجمهورية أن سياسة بايدن الاقتصادية، القاضية بضخ آلاف مليارات الدولارات في الاقتصاد، ساهمت في التضخم، وهو ما تنفيه الإدارة.
وكان بايدن أكد، الشهر الماضي، ردا على الانتقادات الصادرة حتى عن معسكره الديمقراطي، أن "الأولوية المطلقة" لإدارته هي قلب توجه الأسعار. لكن تبين بعد شهر أن المهمة أصعب مما كان متوقعا، ما يثير استياء متزايدا بين الأميركيين الذين يواجهون ارتفاعا في كلفة معيشتهم منذ عدة أشهر، وباتوا يدفعون أسعارا أعلى لكل شيء، من المواد الغذائية إلى الوقود، مرورا بالسيارات والمنتجات الإلكترونية، وحتى بطاقات السفر.
لكن بايدن أكد أنه خلال الأسابيع التي تلت جمع البيانات لتقرير نوفمبر/ تشرين الثاني، "هبطت أسعار الطاقة".
سعر البنزين الأميركي بدأ يتراجع
وشدد على أن "سعر البنزين في المحطات بدأ يتراجع على المستوى الوطني"، وبات أدنى من متوسطه في فترة 20 عاما في عشرين ولاية. وأضاف أن أسعار الغاز الطبيعي المسجلة هذا الأسبوع أدنى بنسبة 25% من متوسط شهر تشرين الثاني/نوفمبر.
ومن المرجح، بحسب التوقعات، أن يكون التضخم تباطأ بمعدل شهري إلى 0.6% بالمقارنة مع تشرين الثاني/نوفمبر.
كما أكد بايدن أن أسعار السيارات المستعملة ستتراجع أيضا "خلال الأشهر المقبلة"، علما أن ارتفاع أسعار السيارات على ارتباط مباشر بالنقص في أشباه الموصلات بسبب البلبلة في سلاسل الإمداد العالمية في ظل الأزمة الصحية. لكن عددا من شركات السيارات الكبرى أفادت مؤخرا بأنها قد تتمكن من معاودة الإنتاج بكامل طاقتها، ما يمهد لعودة الأسعار إلى مستوياتها العادية.
وينشر الاحتياطي الفدرالي، الأربعاء المقبل، توقعات اقتصادية جديدة، من ضمنها توقعات التضخم، كما سيعلن تسريع خفض برنامج الدعم النقدي للاقتصاد، قبل أن يعمد لاحقا خلال العام المقبل إلى زيادة معدلات الفائدة سعيا لاحتواء التضخم.
وكان رئيس المصرف المركزي الأميركي جيروم باول أقر الاسبوع الماضي، خلال جلسة استماع في الكونغرس، بأنه أساء تقدير صمود الطفرة التضخمية.
وقال أمام اللجنة المصرفية في مجلس الشيوخ: "ربما حان الوقت للتوقف عن استخدام" صفة "مؤقت" لوصف التضخم الحالي، مشيرا إلى "تزايد مخاطر استمرار التضخم"، فيما يتوقع الاحتياطي الفدرالي في الوقت الحاضر أن "تستمر الضغوط التضخمية قسماً كبيراً من العام المقبل" على أن "تتراجع في النصف الثاني" منه.
(فرانس برس)