أجبرت الأسعار المرتفعة للملابس المتوفرة في أسواق مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة شمال شرقي سورية، سكان المدينة على اللجوء لبديل وهو ملابس البالة (المستعملة)، التي شهدت أيضاً ارتفاعاً في الأسعار، لتكون هذه الملابس الخيار الاقتصادي الأنسب بظل الوضع الراهن.
تقول آية (25 سنة)، لـ"العربي الجديد"، إنها تشتري معظم ملابسها من محلات "البالة"؛ "لأنّ الوضع المعيشي لم يعد يساعدني أن أشتري من محلات السوق وأغلب الفتيات هذا حالهن حيث نشتري قطعتين أو ثلاثاً من محلات الألبسة المستعملة بسعر قطعة من محلات السوق. نحن مجبرات على ذلك لأنّ أسعار الملابس غالية جداً. عندما نذهب إلى السوق نُصدم بالأسعار حيث سعر القطعة الواحدة تعادل نصف راتبنا الشهري".
من جهتها تقول خديجة آبو، لـ"العربي الجديد"، "نحن مجبرات لأن نشتري كل ما نحتاج إليه من ملابس وأغطية وأحذية من محلات البالة لأننا لم نعد قادرات على أن نشتريها من محلات السوق بسبب الأسعار الفاحشة".
وتضيف "عندما نذهب إلى أصحاب المحلات يقولون لنا إنّ ارتفاع الأسعار مرتبط بسعر ارتفاع سعر صرف الدولار، ومباشرة يحسبون سعر القطعة بالدولار على الآلة الحاسبة".
ويرتبط سعر الملابس بسعر صرف الدولار، كما يبين التجار في القامشلي، ويقول أبو رودي، وهو صاحب محل لـ"البالة"، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إنّ ارتفاع سعر شحن ملابس "البالة"، هو السبب المباشر في رفع سعرها في الأسواق المحلية، "فهذه الملابس تدخل إلى المنطقة من إقليم كردستان العراق من معبر سيمالكا الحدودي"، كما يشرح.
وبيّن أنّ "أسعار الملابس سابقاً كانت تناسب الفقراء ويتم شحن كميات كبيرة منها إلى المنطقة لتغطي حاجة السوق. لكن مع ارتفاع سعرها لم يعد حتى بمقدور الفقراء شراؤها".
أما الأسعار، وفقاً للتاجر، فقد تغيّرت بشكل كبير، فسعر الأربعين كيلوغراماً من الملابس المستعملة كان يبلغ 47 ألف ليرة (13.6 دولارا)، وفي الوقت الحالي يبلغ السعر للوزن ذاته 340 ألف ليرة (98.8 دولارا).
وقال إنّ "الألبسة المستعملة لا تأتي على شكل مساعدات للشعب، نحن نشتريها حيث تأتي بالبواخر من أوروبا إلى مرسين في تركيا ومن ثم إلى إقليم كردستان العراق ثم نحن نشتريها من هناك".
وأضاف أنّ "الصعوبات التي نواجهها نحن كأصحاب محلات البالة هي ارتفاع سعر صرف الدولار وسوء الوضع المعيشي للفقراء حيث لم يعد أحد يرتاد محلاتنا. الفقراء يلبسون نفس القطعة لسنتين".
تتحدث غفران الأحمد (47 سنة)، لـ"العربي الجديد"، عن معاناتها في الحصول على الملابس لها ولأفراد عائلتها، وتقول: "لدي ثلاثة أطفال وأسكن في بيت مستأجر، كنا نذهب إلى السوق ونشتري حاجاتنا من لباس ومستلزمات لأولادنا. الآن لم يعد بمقدورنا أن نشتري حذاء رياضياً أو قميصاً أو بنطالاً جديداً لأولادنا حيث نحتاج لنحو 100 ألف ليرة (29 دولاراً) لشرائها. في محلات البالة أستطيع أن أشتري كل ما يلزمنا من ثياب وحتى الأغطية التي نتغطى بها سعرها وصل إلى مليون ليرة (290 دولاراً)".
وتضيف: "هذا الوضع يعيشه نحو 90% من الناس هنا، فالغلاء فاحش حيث لا نستطيع أن نشتري إلا الضروريات".
ويلاقي سوق "البالة" في مدينة القامشلي ومعظم مناطق شمال شرق سورية، إقبالاً واسعاً منذ عام 2013، فبعدما كانت معظم عمليات البيع تقتصر على البسطات في بعض الأسواق الشعبية، دفع الإقبال على السوق إلى توسيع هذه التجارة وإيجاد محلات مخصصة لبيع الملابس المستعملة.